للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبسبب الجهل بالطبقات غلط غير واحد من المصنفين فربما ظن راويا آخر غيره، وربما أدخل راويا في غير طبقته١.

إن فائدة التقسيم على الطبقات تتم لو اتبع المصنفون تقسيما واحدا، ولم يتباين عدد الطبقات بين مصنف وآخر. فتباين عدد الطبقات عندهم يجعل النسبة إلى الطبقة ليست مطلقة بل تتقيد بطريقة كل مصنف، فلم يعد بالإمكان أن نكتفي بالقول مثلا أن عبد الرحمن بن أبي الزناد في الطبقة السادسة من أهل المدينة فهو كذلك عند ابن سعد فقط أما في طبقات خليفة فهو في الطبقة الثامنة. ومن ذلك أيضا أن أنس بن مالك وغيره من صغار الصحابة مع العشرة وغيرهم من أكابر الصحابة من طبقة واحدة إذا نظرنا إلى تشابههم في أصل صفة الصحبة كما فعل خليفة بن خياط ومن بعده ابن حبان، أما إذا نظرنا إلى تفاوت الصحابة في سوابقهم ومراتبهم كانوا عدة طبقات كما فعل ابن سعد ومن قلده وعندها لا يكون أنس وغيره من صغار الصحابة من طبقة العشرة بل دونهم بطبقات٢. وقد أخذ الحافظ المزي على نظام الطبقات أنه يوهم أحيانا، ذلك أن للصحابي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن غيره، فإذا رأى من لا خبرة له رواية الصحابي عن الصحابي ظن الأول تابعيا فيكشفه في التابعين فلا يجده، لذلك رأى العسقلاني أن سياق الرواة علىاختلاف طبقاتهم مساقا واحدا على الحروف أولى٣.

ورغم المآخذ على نظام الطبقات إلا أنه كان ملائما لأغراض الحديث التي ابتكر من أجلها، ومن ثم فإن استعماله لم يقتصر على خليفة بن خياط ومحمد بن سعد بل استعمله معاصرون لهم ومتأخرون عنهم، واستمر التقسيم على الطبقات أساسا تتبعه بعض المصنفات في الرجال حتى القرن الثامن الهجري.


١ المصدر السابق ٤/ ١٦١.
٢ ابن الصلاح: مقدمة، ١٦٠-١٦١.
٣ العسقلاني: تهذيب، ١-٧.

<<  <   >  >>