للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحليله إلى أن قال بعضهم: حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن ذي لعوة عن علي في الرخصة فقال الحجازيون: والله ما تجيئون به عن المهاجرين ولا عن الأنصار ولا عن ابنائهم وإنما تجيئون به عن العميان والعوران والعرجان والعمشان والحولان"١، فرغم أن الجدل ثار حول مسألة فقهية إلا أن نقد الحجازيين انصب على مصادر روايات أهل الكوفة إذ أن هذه الألقاب كلها للموالي ولم يتلقب بها العرب, وهكذا فخر الحجازيون بشيوخهم من المهاجرين والأنصار وتهكموا بالشيوخ الكوفيين من الموالي، ومن ذلك أيضا ما حدث به الأصمعي "أنه سمع عمرو بن قيس يقول: ما ينصفنا أهل العراق نأتيهم بالقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله الطبيب ويأتونا بنظرائهم زعموا بأبي التياح وأبي قلابة أسماء المقابلين، لو أدركنا أبا الجوزاء لأكلناه بتمر ولو أدركنا الشعبي لشعب لنا القدور ولو أدركنا النخعي لنخع لنا الشاة!! "٢.

وهكذا تتكرر السخرية بمصادر مرويات أهل العراق، والذين ذكرتهم الرواية كلهم من الموالي. ولنستمع إلى أبي عبد الله المقرئ٣ يخاطب أهل الري فيقول "يا أهل الري من الذي أفلح منكم؟ إن كان ابن الأصبهاني فمنا وإن كان إبراهيم بن موسى قمنا وإن كان جرير فمنا وإن كان الخط فجدي علمكم، ما أفلح منكم إلا رجل واحد ولن أقول لكم حتى تموتوا كمدا"٤.

والطريف أن أبا عبد الله المقرئ ولد بالري وإنما أصله من أصبهان فافتخر بمدينة آبائه وعاب على الري مسقط رأسه أنها لم تنجب علماء مشهورين. ولقد دفعت المنافسة العلمية بين مدينة جرجان ومدينة نيسابور شاعرا من نيسابور وهو محمد بن إبراهيم بن يحيى البشتي إلى نظم قصيدة في رجال مدينته مفتخرا بتاريخ وحاضر المدينة العلمي ومباهيا بذلك مدينة جرجان وهذه بعض أبياتها:


١ الحاكم: معرفة علوم الحديث، ٧٣.
٢ ابن عدي: الكامل ١/ ٤٤ب-٤٥أ.
٣ هو أبو عبد الله محمد بن عمر بن عيسى المقري توفي سنة إحدى وأربعين ومائتين كان إماما في القراءة وقد صنف كتبا في القرآن ولد بالري وكان أصله من أصبان "أبو الشيخ الأنصاري: طبقات المحدثين بأصبهان ٢/ ١٠٥-١٠٦".
٤ أبو الشيخ الأنصاري: طبقات المحدثين بأصبهان ٢/ ١٠٥-١٠٦".

<<  <   >  >>