للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يختلف عن طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ في مقدمته وفي ترتيب تراجمه، فهو يبدأ بذكر مفاخر خراسان والأحاديث في فضل الأعاجم ثم خص نيسابور بحديثين هما "خير خراسان نيسابور"والآخر" نعم البلد نيسابور"، ثم ترجم لعلمائها على الطبقات.

كذلك فلا يلاحظ وجود اختلاف كبير حتى في التواريخ المحلية المتأخرة مثل "تاريخ بغداد" للخطيب "ت٤٦٣هـ" و"تاريخ دمشق" لابن عساكر "ت٥٥٧هـ" رغم أنهما تميزا بالشمول والتفصيل إذ لم يقتصرا على تراجم المحدثين، كما وتوافرت لهما مادة أضخم نتيجة للتطور الذي أحرزته المدينة الإسلامية.

وهكذا لعبت المفاخرات بين المدن دورا كبيرا في صياغة مقدمات تواريخ الرجال المحلية، بل ربما كانت حافزا لتدوين تواريخ الرجال المحلية بقصد إظهار مكانتها وتفوقها العلمي، ولكن ينبغي أن لا ننسى أن الحافز الأصلي هو الرغبة القوية في خدمة علم الحديث عن طريق التعريف بالرواة ومواطنهم، فتواريخ الرجال المحلية تدخل ضمن كتب علم الرجال ويجب أن ينظر إليها بهذا المنظار.

وقد أعتبر التعرف على شيوخ البلد ورواياتهم من أول ما تجب معرفته على طالب الحديث في ذلك البلد، فهذا صالح بن أحمد التميمي الحافظ "ت٣٨٤هـ" مؤلف طبقات الهمذانيين يقول "ينبغي لطالب الحديث وعن عني به أن يبدأ بكتب حديث بلده ومعرفة أهله، وتفهمه وضبطه حتى يعلم صحيحه من سقيمه، ويعرف أهل التحديث به وأحوالهم معرفة تامة، إذا كان في بلده علم وعلماء قديما وحديثا، ثم يشتغل بعد بحديث البلدان والرحلة فيه"١.

أن ميزة تواريخ الرجال المحلية هي أن معلوماتها عن علماء البلد الذي تختص بدراسته أدق وأكثر استقصاء وشمولا نتيجة عيش المصنف في البيئة التي يؤرخ لرجالها ولذلك فإن تواريخ الرجال المحلية لقيت اهتماما من طلاب


١ الخطيب: تاريخ بغداد ١/ ٢١٤.

<<  <   >  >>