للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجلان بالحجاز فأما اللذان بالبصرة فقتادة ويحيى بن أبي كثير، وأما اللذان بالكوفة فأبو إسحاق والأعمش، وأما اللذان بالحجاز فالزهري وعمرو بن دينار.

ثم صار حديث هؤلاء إلى اثني عشر منهم بالبصرة سعيد بن أبي عروبة، وشعبة بن الحجاج ومعمر بن راشد، وحماد بن سلمة، وجرير بن حازم، وهشام الدستوائي، وصار بالكوفة إلى الثوري وابن عيينة وإسرائيل، وصار بالحجاز إلى ابن جريج ومحمد بن إسحاق ومالك، فصار حديث هؤلاء كلهم إلى يحيى بن معين١، وقد لعب هؤلاء العلماء الكبار الذين عاشوا في العراق دورًا مهما في تمييز الحديث وبيان الصحيح من الموضوع وبذلك حفظوا للعراق مكانته العلمية. قال ابن تيمية بعد أن ذكر كذب أهل الكوفة "ومع هذا إنه كان في الكوفة وغيرها من الثقات الأكابر كثير"٢.

ومن ثم فإن العلماء نقلوا عن ثقات الكوفيين وفيهم بعض الشيعة الذين امتازوا بالصدق والورع قيل ليحيى بن معين: إن أحمد بن حنبل يرد حديث عبيد الله بن موسى للتشيع فأقسم يحيى أن عبد الرزاق أغلى في ذلك منه مائة ضعف وأن ما سمعه من عبد الرزاق أضعاف ما سمعه من عبيد الله٣. وذكر حسين الأشقر أمام يحيى بن معين فقال كان من الشيعة الغالية الكبار فلما سئل عن حديثه قال: لا بأس به وذكر كتابته عنه٤. وهكذا ميز العلماء بين العقائد والأخلاق فالصادق يؤخذ عنه ولو كان شيعيًّا أو خارجيًّا أو قدريًّا أو مرجئًا إلا أنهم اشترطوا ألا يكون داعية يسعي إلى بث عقيدته؛ لأن ذلك يحفزه إلى الكذب.

إن إهمال رواية العراقيين خسارة جسيمة فدور العراق في حمل العلم


١ ابن عدي: الكامل ١/ ٥٢أ، وابن حبان: المجروحين من المحدثين ١/ ١٧ب-١٨أ.
٢ ابن تيمية: المنتقى من منهاج الاعتدال/ ٨٨.
٣ الخطيب: الكفاية/ ١٣٠.
٤ المصدر السابق/ ١٣٠-١٣١.

<<  <   >  >>