عبد الله بن عمرو بن العاص. فقد روى عنه الإمام أحمد في مسنده أنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج من إلا حق".
٥- وبالرغم من عدم تدوين السنة في عصر النبوة، فإنها كانت محفوظة في صدور الصحابة الكرام، كل واحد حفظ منها ما تيسر له، ومن فاته شيء منها علمه غيره، وقد بلغوا ما حفظوه إلى غيرهم وهكذا لم يفقد من السنة شيء.
٦- وظلت السنة غير مدونة في عصر الخلفاء الراشدين، يتناقلها المسلمون بالمشافهة والسماع، وقيل: إن الإمام عمر بن الخطاب هم بكتابتها ولكن لم يفعل.
٧- وفي زمن عمر بن عبد العزيز، الخليفة الأموي المشهور، جرت محاولة لتدوين السنة. فقد كتب هذا الخليفة إلى قاضيه في المدينة المنورة أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم:"أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنة فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء". إلا أن عمر بن عبد العزيز توفي قل أن ينفذ أمره.
٨- وفي عصر الدولة العباسية ابتدأ العلماء بتدوين السنة وقد جاء تدوينهم لها مختلطًا بأقوال الصحابة وفتاويهم, وقد كتب على هذا النحو سفيان الثوري في الكوفة، والليث بن سعد في مصر، ومالك بن أنس في المدينة، ولم يصل إلينا مما كتبوه إلا القليل. ولعل أتم ما وصل إلينا من هذا النوع من التدوين موطأ الإمام مالك بن أنس، حيث نجد فيه السنة النبوية وفتاوى الصحابة وأقضيتهم، بل ونجد فيه بعض أقوال فقهاء التابعين وبعض آرائه هو وترجيحاته.