للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩- وفي نهاية القرن الثاني للهجرة اتجه العلماء في تدوين السنة إلى أفرادها بالذكر والتدوين وتمييزها عن غيرها. وقد سلك العلماء في هذا النهج طريقة المسانيد، أي: جمع الأحاديث التي رواها كل صحابي على حدة وإن اختلفت موضوعات مروياته.

١٠- ثم ظهرت طريقة جديدة في تدوين السنة وهي تدوينها مرتبة على أبواب الفقه، وهذه الطريقة تسهل على الفقيه عمله؛ لأنها تضع بين يديه كل ما ورد في السنة عن الموضوع الذي يريد بحثه أو الاطلاع عليه. ومن هذه المدونات على هذه الطريقة، صحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود وغيرها.

١١- علم الجرح والتعديل: وقد قام علماء الحديث بعمل مبرور إذ أنشئوا علم الجرح والتعديل أو علم الرجال، وهذا العلم مما انفرد به المسلمون ولا نظير له عند غيرهم والغرض منه الكشف عن أحوال رواة السنة وتمييز الصادق من الكاذب والضابط من الواهم والموثوق بروايته من المطعون فيها. وقد كان السبب في إنشاء هذا العلم الجليل أن أعداء الإسلام -وهم كثيرون- أرادوا الكيد للإسلام والنيل منه وتلويث معانيه عن طريق تلفيق الأحاديث وإسنادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذبًا، والتشكيك في رواة السنة لهدم السنة وصرف المسلمين عنها.

فأفزع هذا الصنيع الخبيث، علماء الحديث، فنهض جميع منهم للكشف عن رواة السنة وتمييز صحيحها من مكذوبها فأنشئوا هذا العلم -علم الجرح والتعديل- ويقوم هذا العلم على دراسة مستفيضة لأحوال الرواة والتحري عن ميولهم وصفاتهم وأخلاقهم ونشأتهم وعقائدهم، وقد بذل علماء هذا الفن جهدًا عظيمًا جدًّا وتحملوا في سبيل ذلك التعب والسفر الطويل والرحلات المتعددة للتحري والتنقيب عن أحوال الرواة ودراسة حياتهم والسؤال عنهم. وقد كان علماء الجرح والتعديل في دراستهم لأحوال الرواة في غاية التجرد عن الهوى والموضوعية في البحث ولم تؤثر فيهم روابط الصداقة أو القرابة أو الاشتراك بالموطن

<<  <   >  >>