للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كانت صلافة بعض القصاصين تمنع عنهم الخجل حين يفتضح جهلهم وينكشف كذبهم بل أن بعضهم كان يقابل ذلك بسخرية واستهتار فقد وقف قاص في مسجد الرصافة فحدث عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين بحضورهما حديثا طويلا نحو عشرين ورقة، فلما فرغ جمع العطايا من الناس، فناداه ابن معين فأقبل عليهما فعرفاه بنفسهما ونفيا تحديثه الحديث فما كان منه إلا أن قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما علمته إلا الساعة كأن ليس في الدنيا يحيى وأحمد غيركما، لقد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل غير هذا، ثم انصرف عنهما١.

ويعقب ابن حبان على ذلك بقوله "فإذا كان مثل هؤلاء يجيزون على أحمد ويحيى حتى يضعوا الحديث بين أيديهم من غير مبالاة بهم كانوا إذا حلوا بمساجد الجماعات ومحافل القبائل مع العوام والرعاع أكثر جسارة في الوضع"٢.

وقد رأى ابن حبان أحد القصاص في مدينة باجروان بين الرقة وحران يسند حديثا إلى أبي خليفة فسأله إن كان قد رأى أبا خليفة فنفى القاص أن يكون رآه، فقال ابن حبان فكيف تروي عنه وأنت لم تره؟ فأجاب القاص: إن المناقشة معنا من قلة المروءة أنا أحفظ هذا الإسناد الواحد، فكلما سمعت حديثا ضممته إلى هذا الإسناد فرويته!! ٣.

ومع فضح العلماء للقصاصين الكدابين وبيان جهلهم فقد كان أثرهم على العامة كبيرا حتى أنها قد تنصرهم أحيانا على من يفضحهم من العلماء قال يحيى بن معين ذهبت إلى أسد بن زيد الكوفي في الكرخ وكان نزل في دار الحذائين


١ المصدر السابق ٢/ ٢٨ب - ٢٩أ.
٢ ابن حبان: المجروحين من المحدثين أيضا ٢/ ٣٠أ.
٣ المصدر السابق ٢/ ٢٩أ.

<<  <   >  >>