اجتهد عثمان وجدد أذانًا ثانيًا لفريضة الجمعة لم يكن على عهد الرسول لأنه قضت به المصلحة في إعلام الناس بالصلاة بعدما تزايد عددهم وتباعدت دورهم: وجمع الناس على قراءة القرآن بحرف واحد هو ما دون في المصحف الإمام ولم يكن ليخفى عليه أن القرآن أنزل على سبعة أحرف. وأن الرسول قال لقارئين بحرفين متغايرين:"هكذا أنزل، وهكذا أنزل". ولكنه خشي فتنة الخلف بعد تباعد أطراف الدولة وتفرق الحفاظ في الأمصار واستشهادهم في الجهاد فمنع ما كان مباحًا.
اجتهد علي وحرق الرافضة وما كان خفيًّا عليه حكم الله في قتل الكافر ولكنه رأى المصلحة في الزجر عن الجرم الشنيع بالعقاب الشنيع وهو التحريق.
وكذلك كان الشأن في القضاء وطرق الحكم، فكانوا يعتمدون على كل دليل يطمئن إليه القلب ويهدي إلى العدل والحق لا يقفون عند أدلة خاصة ظاهرة من بينة أو إقرار أن نكول. فقد قضى عمر برجم الجارية التي ظهرت حاملًا ولا زوج لها ولا سيدًا اكتفاء بهذه الأمارة. وحكموا بحد السرقة على من وجد المسروق في يده اعتمادًا على هذه القرينة. وقد وفى ابن القيم هذا المقام بما لا مزيد عليه في كتابه "الطرق الحكمية في السياسة الشرعية".
وكانوا كذلك بنظرون في التنفيذ إلى ما تقتضي به المصلحة وحال الناس، فقد عطل عمر تنفيذ حد السارق في عام المجاعة وأسقط سهم المؤلفة قلوبهم لما أعز الله الإسلام. وهذه السبيل التي سلكها المسلمون