للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: ما روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل خبر الأعرابي على رؤية هلال رمضان وذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال جاء أعرابي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال- يعني رمضان- فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: "نعم". قال: "أتشهد أن محمداً رسول الله". قال: "نعم". قال: "يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا" ١.

وهذا دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل خبر الواحد، وأخذ به.

ثانيا: بعثه صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة لتبليغ الأحكام ونشر الدعوة في أماكن متفرقة من المعمورة، ومن ذلك توجيهه لمعاذ رضي الله عنه إلى اليمن. إذ روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: "أدعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمسة صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد عام فقرائهم"٢.

أما استدلاله بالإجماع فكان كما يلي:

بأنه تكرر العمل بخبر الواحد كثيرا في زمان الصحابة والتابعين في وقائع كثير وكان هذا شائعا ذائعا ولم ينكر أحد على العمل به وذلك أن تكرر العمل به من غير نكير لأحد يقضي عادة بأنهم اتفقوا على وجوب العمل بخبر الواحد. كما أن قولهم بوجوب العمل يدل قطعا أنهم اتفقوا على وجوب العمل به.

وأما استدلاله بالمعقول فكان كما يلي:

أولاً: بأنه إذا علم أصل كلي. كرفع المضار، وجلب المنافع، وجب عقلا العمل بالظن في تفاصيل ذلك الأصل المعلوم كما إذا أخبر واحد عدل من مضرة شيء مخصوصة وعن ضعف جدار، وجب عقلا الاحتراز بذلك الشيء المضر وعن ذلك الجدار. وهذا المعنى متحقق في خبر الواحد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى ليبين الأحكام الشرعية المشتملة على مصالح العباد. وخبر الواحد يفيد الظن في تفاصيل تلك الأحكام والمصالح، فوجب العمل به عقلا.

ثانيا. لاشك في أن خبر العدل الواحد يمكن صدقه فحينئذ يجب العمل به احتياطا


١ انظر: سنن الترمذي _ كتاب الصوم _ ٣/٧٤، وسنن النسائي _ كتاب الصوم _ ٤/١٣١، وسنن الدارمي _ باب الشهادة على رؤية هلال رمضان _ ١/٣٧٧، وتلخيص الحبير ٢/١٨٧.
٢ انظر: صحيح مسلم بشرح النووي _ كتاب الإيمان _ ١/١٩٦، وفتح الباري _ كتاب الزكاة _ ٣/٢٦١.

<<  <   >  >>