للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللتوفيق بين هذه النقول عنه نقول: إن ابن سريج يقول بجوار ذلك عقلا، وعدم تحققه ووقوعه شرعا. وقد استدل عام قوله هذا بالأدلة الآتية١:

أولاً: استدل بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ٢

وجه الاستدلال: أن النسخ بيان للمنزل، فيجب أن يكون ذلك بيانا له.

ثانيا: النسخ إنما يتناول الحكم. والكتاب والسنة المتواترة في إثبات الحكم واحد، وإن اختلفا في الإعجاز. فيجب أن يتساويا في النسخ، لذا جاز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة.

ثالثا: أن متواتر السنة قاطع، أن يحصل القطع بثبوته وذلك لأن المتواتر يفيد العلم الضروري، وبذلك يكون متواتر السنة من عند الله في الحقيقة، لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ٣.

وقال صلى الله عليه وسلم: "أوتيت القرآن ومثله معه" ٤.

وإذا كان متواتر السنة قاطعا، وهو من عند الله تعالى صار كالقرآن في نسخ القران به.

رابعا: بأنه لو استحال لاستحال لذاته، أو الأمر خارج عن ذاته، لكنه لا يستحيل لذاته ولا لأمر خارج، فلا يكون مستحيلا مطلقا، فيكون جائزا مطلقا.


١ انظر: المرجع السابق.
٢ سورة النحل آية: ٤٤.
٣ سورة النجم آية: ٣ _ ٤.
٤ انظر: مختصر سنن أبي داود _ باب لزوم السنة _ ٧/ ٧، ومعالم السنن ٧/ ٧.

<<  <   >  >>