للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

١- وجمع الشيخ محمد عبده١ بين قولي الزمخشري آنفي الذكر فقال: "ولا يخفى عليك أن الفؤاد إنما يطلق على القلب، إذا لوحظ أنه بمعنى موضع الوجدان والشعور، فكأنه قال: التي تعلو مشاعرهم، ومداركهم، ومواطن الوجدان من نفوسهم، أي أن سلطان هذه النار على قوى الوجدان والشعور التي هي مواطن النيات والمقاصد، ومساكن الفضائل والرذائل، وقد قيل: إن معنى الاطلاع هنا المعرفة والعلم، أي أن هذه النار تعرف ما في الأفئدة؛ فتأخذ من تعرفهم أهلا لها، من أهل الوجدان الخبيث.

والنار التي تعرف٢ من يستحق العذاب بها لا تكون من النيران المعروفة لنا في الدنيا، بالضرورة، وعلى كل لا يخلو الكلام - على هذا التأويل الثاني - من التمثيل والتجوز".

٢- وأما القائلون بالتفسير الإشاري٣ فكان رأيهم الذي ذكره عنهم الألوسي٤ هو "إن ما ذكر إشارة إلى العذاب الروحاني الذي هو أشد العذاب".

ولم يبين لنا أصحاب التفسير الإشاري الفرق بين العذاب الجسماني والعذاب الروحاني!! ولم يبينوا الصلة بين ألفاظ الآية الكريمة وبين هذا العذاب.. هذا مع إيماننا بأن الله سبحانه يجمع على المجرمين أنواعا من العذاب، كما هو مفصل في آي القرآن الكريم.

وفي نهاية المطاف: يتبين للقارئ المسلم أن كثيرا من التأويلات كانت ضدا عن الحق الواضح المشرق، وصرفا عن الصراط المستقيم إلى متاهات من الظن، وإلى أودية من الخيال والوهم.. ثم هي هجمات على الغيب المستور بشطحات العقول، وتقول على الله بغير العلم.

والطريقة المثلى: هي أن ننقاد لنور القرآن، وأن نعرض عن شطحات الذين يتبعون أهواءهم، وأن نطلب الحق والميزان من سنة خير الأنام صلوات الله وسلامه عليه.

آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


١ انظر تفسير جزء عم يتساءلون ص ١١٨ ط الشعب.
٢ قيل إنها تعرف أصحابها بأمارات فيهم يعرفها الله بها.
٣ سمى القشيري كتابه في التفسير بلطائف الإشارات، ولم نجد هذه الإشارة فيه عند هذه الآية انظر اللطائف ج ٦ ص ٣٣٥.
٤ انظر روح المعاني ج ٣٠ ص ٢٣٢.

<<  <