للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- رأي ابن جرير الطبري:

استعرض ابن جرير رأي المثبتين لنزولها والمنكرين، ثم انتهى إلى تقرير موقفه٣ وهو: "والصواب من القول عندنا في ذلك أن يقال: إن الله - تعالى ذكره - أنزل المائدة على الذين سألوا عيسى مسألته ذلك ربه؛ وإنما قلنا ذلك للخبر الذي روينا بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأهل التأويل من بعدهم، غير من انفرد بما ذكرنا عنه.

وبعد؛ فإن الله - تعالى ذكره - لا يخلف وعده، ولا يقع في خبره الخلف، وقد قال - تعالى ذكره - مخبرا في كتابه عن إجابة نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم حين سأله ما سأله من ذلك: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَليْكُمْ} ، وغير جائز أن يقول تعالى ذكره: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَليْكُمْ} ثم لا ينزلها؛ لأن ذلك منه - تعالى ذكره - خبر، ولا يكون منه خلاف ما يخبر، ولو جاز أن يقول: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَليْكُمْ} ثم لا ينزلها عليهم جاز أن يقول: {فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ العَالمِينَ} ، ثم يكفر منهم بعد ذلك فلا يعذبه، فلا يكون لوعده ولا لوعيده حقيقة ولا صحة، وغير جائز أن يوصف ربنا تعالى ذكره بذلك" ا?.


١ انظر تفسير ابن كثير ج ٢ ص ١١٩ ط الحلبي.
٢ ليس للنصارى الآن كتاب واحد بل هي أسفار شتى، كتبها آحاد بأيديهم ورواها عنهم آحاد، وصلتها بالوحي منقطعة.
٣ انظر تفسير ابن جرير الطبري ج ١١ ص ٢٣١- ٢٣٢.

<<  <   >  >>