للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالواجب والمستحب هو ما شرعه الرسول فأمر به أمر إيجاب أو استحباب، وأصلُ ذلك الإيمان بما جاء به الرسول.

فجماع الوسيلة التي أمر الله الخلق بابتغائها هو التوسل إليه باتباع ما جاء به الرسول، لا وسيلة لأحد إلى ذلك إلا ذلك.

والثاني لفظ (الوسيلة) في الأحاديث الصحيحة كقوله -صلى الله عليه وسلم-: (سلوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد. فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة) (١)» (٢).

والكلام في تقرير هذه المسألة طويل جداً، وليس هذا مقامه، وإنما المراد التنبيه على بطلانها من كلام شيخ الإسلام نفسه، وإلا فقد تتابع العلماء على رد هذه الشبهة (٣) وبيان بطلانها في مختلف الكتب والتصانيف (٤)، وفي الحقيقة أن


(١) رواه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة برقم (٣٨٤).
(٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (١/ ٨٤).
(٣) ومما رد به الشيخ محمد الأمين السويدي الشافعي -رحمه الله- على أصحاب هذه الشبهة قال: «أما قولكم: أن ليس مقصودهم إلا التوسل والتشفيع، وإن تكلموا بما يفيد غيره.
فإنه يدل على أن الشرك لا يكون إلا اعتقادياً، وأن اللفظ لا يكون كفراً إلا إذا طابق الاعتقاد.
هذا يقتضى سد أبواب الشرائع، ومحو الأبواب التي ذكرها الفقهاء في الردة … كيف وأن الله سبحانه يقول: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} [التوبة:٧٤] والكلمة التي قالوها كانت على جهة المزح مع كونهم في زمن رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكانوا يجاهدون ويصلون، ويفعلون جميع الأوامر، وقال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة:٦٥]، وقد ذكر المفسرون: أنهم قالوها على جهة المزح … ولو قلنا: إن الألفاظ لا عبرة بها، وإنما العبرة للاعتقاد لأمكن لكل من تكلم بكلام يحكم على قائله بالردة اتفاقاً أن يقول: لم تحكمون بردتي؟! فيذكر احتمالاً، ولو بعيداً، يخرج به عما كفر فيه، ولما احتاج إلى توبة ولا توجه عليه لوم أبداً.
وهذا ظاهر البطلان، ولساغ لكل أحد ان يتكلم بكل ما أراد، فتنسد الأبواب المتعلقة بأحكام الألفاظ» جلاء العينين (ص ٥١٥).
(٤) انظر للاستزادة: كتاب الرد على البكري لشيخ الإسلام -رحمه الله-، وجلاء العينين في محاكمة الأحمدين للألوسي-رحمه الله-، والتوضيح عن توحيد الخلاق للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ -رحمه الله-، وتأسيس التقديس للعلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين -رحمه الله- و"التوصل إلى حقيقة التوسل" للشيخ محمد نسيب الرفاعي -رحمه الله-. وجهود علماء الحنفية في بيان عقائد القبورية للشيخ شمس الدين الأفغاني -رحمه الله-.

<<  <   >  >>