وما يصنع بالأبق إذا وجده سيده، فقد وجدت شدة، فقالت: يا بني، لا تضيق علي، فصاح صيحة وخر مغشياً عليه، فقالت له: يا بني، فأين يكون التقي؟ فقال: يا أماه، إذا قدمت على يوم القيامة فسلي عني مالكا خازن النار،. ثم صاح صيحة عظيمة فمات. فنودي عليه بين الناس من يصلي على قتيل جهنم ".
وقيل في المعنى شعر:
لما تذكرت عذاب النار أزعجني ... ذاك التذكر عن أهلي وأوطاني
فصرت في القفر أراعي الوحش منفرداً ... كما تراني على وجدي وأحزاني
وهذا قليل لمثلي في جراءته ... فما عصى الله عبد مثل عصياني
نادوا علي وقولوا في مجالسكم ... هذا المسيء وهذا المذنب الجاني
فما بكيت ومما قصرت عن زللي ... ولا غسلت بماء الدمع أجفاني
قال إبراهيم الخواص رضي الله عنه: " كنت كثير المشي إلى المقابر، فجلست يوما فغلبتني عيناي فنمت، فسمعت قائلاً يقول: خذوا سلسلة فأدخلوها في فيه وأخرجوها من أسفله، وإذا الميت يقول: يا رب، ألم أكن أصلي؟ ألم أكن أقرأ القرآن؟ ألم أكن أحج البيت الحرام؟ وإذا بقائل يقول: بلى، ولكنك إذا خلوت بالمعاصي لم تراقبني ".
وكان ضيغم قد حج عشرين حجة، وجاهد عشرين سنة، فلما مات رؤي في النوم، فقيل له: " ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه، وقال: بماذا جئتني؟ فقلت: يا رب بحج عشرين سنة، فقال: ما قبلت منها شيئا، فقلت: بقراءة القرآن عشرين سنة، فقال: ما قبلت منها شيئآَ، فقلت: بجهاد عشرين سنة