أمه، فلما رأته قبلت ما بين عينيه، وقالت: يا بني، قد وهبتك لله تعال، فخرج فرحاً مسروراً، فغاب عنها ثلاثين سنة، فاشتاق إليها، فحضر ليزورها، فطرق الباب، فقالت: من بالباب؟ فقال: ولدك أتى ليسلم عليك؟ فقالت: يا بني إني قد وهبتك لله، فو الله ما واليتك إلا بين يديه.
وقيل في المعنى شعر:
بحب الله لا تأويه دار ... ولا يأوي مكاناً فيه جار
ولا يهتم في الدنيا بقوت ... ويكره أن يكون له عقار
يفر من العقار إلى قفار ... فيبكي حتى تفقده القفار
يقول لنفسه كدي وجدي ... فما في خدمة الرحمن عار
[بكاء الرسول عند قبض روحه]
قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملك الموت ليقبض روحه الزكية، فبكى صلى الله عليه وسلم، فقال له ملك الموت: أتبكي وأنت راجع إلى ربك، فقال:" أبكي على ليالي الشتاء وأيام الصيف والاخيار يقومون ويصومون، ويتلذذون بوصاله ومناجاته وأنا في القبر ميت ".
فأوحى الله تعالى إليه:" أنت عندي بهذه المنزلة ".
وخيره بين الحياة والممات، فاختار الرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم.
[اخش عذاب الله وعامله بتقواه]
قال الأصمعي رضي الله عنه: دخلت المارستان ببغداد، فإذا أنا بشاب حسن الوجه وهو مربوط في عامود، فلما رآني أنشد يقول شعراً: