سكة الجزارة وقف وبكى بكاء شديداً، فقيل له في ذلك، لقال: كان ههنا رجل عابد، فدخل يوما هذه السكة، فرأى امرأة نصرانية، فافتتن بها فخاطبها، فامتنعت منه إلا أن يدخل في دين النصرانية، فغلب عليه الشيطان، ودخل في دينها، فلما سمعت المرأة بذلك خرجت إليه وبصقت في وجهه، وقالت له: أفٍ لك من رجل تركت دين الاسلام لشهوة ساعة وأنا تركت دين النصرانية لشهوة ساعة، وأنا تركت دين النصرانية لشهوة الأبد، فأسلمت وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وحسن إسلامها.
وقال الحسن الرازي رضي الله عنه: رأيت ولدي في المنام عليه ثياب النيران، ومقطعات النيران، فقلت له: يا بني، مالي أرى عليك زي أهل النار، فقال: يا أبت، حدثتني نفسي بشيء، وغلبني هواي، وقد هوى بي في النار، فإياك يا أبت ثم إياك أن تضلل نفسك.
وقال سفيان الثوري رضي الله عنه: رأيت رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم سلم، فقلت له: ما شأنك؟ ومم تطلب السلامة؟ فقال لي: يا أخي، كنا أربعة أخوة تنصر أحدنا عِنْداً، وتهوَّد الآخر، وتمجس الثالث، وبقيت أنا خائفاً من الله تعالى، وراغباً في السلامة.
وحكى بعضهم أنه اصطاد سمكتين، فنادته أحدهما: أتأخذني وأنا أطوع منك إلى الله تعالى، فجاوبتها الأخرى: لا تمني عليه بطاعتك، فما عبده أحد إلا بما سبق له في القدر.
وقال ذو النون المصري رضي الله عنه: مررت بدير فوجدت فيه رجلاً يعبد الشمس من دون الله تعالى، فقلت له: يا شيخ لمن تعبد؟ فقال: الشمس، فقلت له: دع، واعبد الله الذي خلقك وخلق السموات والأرض، والشمس والنجوم، والليل والنهار، والشجر والجبال، وخلق كل شيء فقدره تقديراً،