للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا فكرت في جرمي عليها ... قرعت أناملي غيظا بسني

يظن الناس بي خيراً وإني ... أشر الناس إن لم تعف عني

وقال كعب الأحبار رضي الله عنه: أتى رجل فاحشة فدخل نهراً يغتسل فيه، فناداه إن إِ تتب من هذا الزنا، فخرج ص من النهر فزعاً مرعوباً، وهو يقول: والله لا أعصى الله بعدها ابداً.

وقال إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه: أتيت يوماً من الأيام بيت المقدس، وإذا فيه حلقة عظيمة وفيهم شاب حسن الثياب وهو جالس على كرسي وعنده أشربة وأدوية، وهو يصف لكل علة دواء، فأردت أن امتحنه، فقلت له: يا أخي، عندك دواء لهذا الجرح الذي أعضل وتكامل، فنظر إلي وقال لي: إليك عني يا بطال، هذا الكلام كلام من عصى الله وساء عمله، قل أستغفر الله، يا أخي عصيته ليلاً أو نهاراً؟ فقلت: نهاراً، فقال: صوماً أو إفطاراً؟ فقلت: صوما فنظر إلي وقال: يا أخي، عليك بصحبة الأبرار، واجتناب الأشرار، واخلع نعل الفخر من قدميك، ورداء الكبر من منكبيك، وخذ من أهليج الخشوع، وماء القنوع، وسناء الزهد، وورق الفقر، وعيدان الصبر، ودقه في هون التوكل، واطرحه في طاجن القلق وأوقد تحته عيدان الصفا، فإن على فعليك بتحريكه بمغرفة المعرفة، وإذا أزيد الحكمة حركه بأسطام الخشية، وفرغه في أقداح الفكرة، وروح عليه بمراوح الاستغفار، واشربه بالعشي والأسحار، وتمضمض، عليه بالمراقبة، وقل في غسق الدجى: يا من لا يقطع الرجاء.

وقيل في المعنى شعر:

يا رب أنت أمرتني ونهيتني ... وسلكت في طرق الضلالة والهدى

وعلمت أني لا أفر من الذي ... قدرت لي إن كان خيراً أوردي

وسلكت بي ما شئت للسر الذي ... في الخلق قد أخفيته يا سيدي

<<  <   >  >>