إني ضعيف عن عذابك سيدي ... ومقصر عن حمل قبيح ذنوبي
قال: فأطرق الشيخ رأسه متعجبا لأمره، وإذا امرأة قد قامت وقالت: يا سيدي، أنا من الخاطئات المذنيات، وأنا أكثر ذنوباً من هذا الشيخ، وقد تحملت ذنوبه مع ذنوبي أقدم بها على ربي، فقال الشيخ الشبلي رحمه الله تعالى: فما استتمت كلامها حتى هتف في المجلس هاتف، وهو يقول: يا شبلي: قد غفرنا لمن في المجلس كلهم لأجل هذه المرأة لحسن ظنها بنا.
وقيل في المعنى شعر:
يا ذا المكارم والعلا إن ... يا ذا الجلال الأوحد
إن العصاة تجمعوا ... لوجود عفوك سيدي
قصدتك كل قبيلة ... فلمن يروح ويغتدي
حطو إليك رحالهم ... يستشفعون بأحمد
قال بعض الصالحين رضي الله عنهم: رأيت جارية تطوف حول البيت وهي تقول: أتراك تقبلني وتغفر زلتي، فقلت لها: ما فعلت؟ فقالت: أنا امرأة عاصية فخرجت يوما أتحدث مع أعرابي، إذ مر بي هاتف وهو يقول: يا ملعونة، كيف تقتني عباد الله؟ فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا الرقيب، ما في صحيفتك قط عندي حسنة، وهذا العبد قد امتلأت صحيفته من السيئات، فقلت له: إذا أنا تبت يقبلني؟ فقال: وهل التوبة إلا لمثلك، فخرجت من وقتي وساعتي، ولبست هذا الثوب الشعر، وقلت: عسِى يقبل توبتي، وقد تبت إليه عما كان مني.
قال: فبينما هي تكلمني وإذا بهاتف يقول: لقد قبلناك وقبلنا توبتك، ثم شهقت شهقة عظيمة وفارقت الدنيا. فرحمة الله عليها.
وقال وهب بن الوردي رضي الله عنه: بينما امرأة تطوف وهي تقول: يا رب ذهبت اللذات وبقيت التبعات، يا رب مالك عقوبة إلا النار، أما في عفوك ما