للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها مات الفقيه الصالح المشهور أبو بكر بن محمد بن رشد بضم الراء وفتح الشين وكان هو وأخوه فقيهين صالحين وغلب عليهما الزهد والعبادة ويقال أن قدومهما إلى زبيد كان قبل قدوم الحضارم ورغبا في صحبة الشيخ الصالح علي بن مرتضى خليفة الشيخ الصالح محمد بن أبي الباطل الصوفي نفع الله الجميع. وتوفي أخوه عمر بن محمد بن رُشَد بعده بسنة وذلك في سنة خمس وستين وستمائة وهو جد الفقيه المشهور محمد عبد الله الحضرمي أبو أمه.

وفيها توفي الفقيه الإمام البارع أبو العتيق أبو بكر بن عيسى بن عثمان الأشعري المعروف بابن حنكاش العلامة الحنفي المشهور وكان فقيهاً عاملاً عالماً إماماً في المذهبين وكان من صدور الفقهاء تفقه بالشريف عثمان بن عتيق الحسيني وغيره وكان لوحد أهل عصره اجتهاداً في طلب العلم ونشر المذهب حتى قيل لو لم يوجد لمات مذهب أبي حنيفة في اليمن. ويروى أنه أتى على كتاب الخلاصة ثلاثمائة شرف وانتهت إليه رئاسة أصحابه مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. وكان يقرئ أهل المذهبين واجتمع على صلاحه المؤَالف والمخالف. فمن احسن ما ذكر من سيرته أنه منذ درَّس ما رؤي نائماً قط في رمضان ليلاً ولا نهاراً واصل بلده العنبرة قرية من قرى الوادي زبيد قريبة من البحر وهي التي تخرج مها علي بن مهدي ولما ابتنى السلطان نور الدين المدرسة التي في زبيد التي خص بها أصحاب الإمام الشافعي رضي الله عنه وقف له هذا الفقيه في بعض الطرق وقال لهُ يا عمر ما فعل بك أبو حنيفة إذ لم تبن لأصحابه مدرسة كما بنيت لغيرهم فأمر ببناء المدرسة الثانية وجعل فيها موضعاً لأصحاب الإمام أبي حنيفة وموضعاً لأصحاب الحديث النبوي وكان خطيباً مصقعاً وشاعراً مفلقاً. ومن شعره في سن الحداثة ما أنشدهُ سبطه عمر بن علي العلوي حيث يقول:

زبيد ودع شرق البلاد وغربها ... ولا تتحدث عن عراق ولا مصر

أَجل نظراً فيها تعاين خريدة ... مليحة ما بين التراب والنحر

<<  <  ج: ص:  >  >>