للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذته بطنهُ وتوجع فلما أحس بثقل المرض طلب جملاً وحمل عليه فلما وصل الجمل على باب الجند برك فضربوهُ فلم يقم فقال بخ بخ لكم يا أهل الجند هذا علامة. موتي وقد وعدني ربي أن يغفر لي ولمن قبر حولي. ثم أُعيد إلى الموضع الذي نزل فيه أولا وهو المدرسة الشعيرية فتوفي مبطوناً غريباً لبضع وعشرين ليلة مضت من رجب من السنة المذكورة وقبره تحت جبل صرب مشهور مزار رحمهُ الله.

وفي سنة خمس وستمائة قتل الأمير فخر الدين بكتمر الغلاب وكان السلطان الملك المظفر قد أمرهُ بعمارة الزاهر وجرَّد معه مائة فارس وخمسمائة راجل فقصده الأشراف بنو حمزة فقتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه الذين كانوا معهُ وكان ذلك في شعبان. ولما قتل في التاريخ المذكور انحاز أصحابهُ الباقون إلى براقش فبرز أمر مولانا السلطان على الأمير علم الدين الشعبي بالتقدم إلى جهة الطاهر في عساكره وطلعت عساكره المنصورة إلى جهة حَجَّة ووقعت هنالك حروب عظيمة وتفاقم الأمر فاقتضى الأمر الرشيد والرأْي السديد طلوع الملك الأشرف عمر بن يوسف إلى جهة حجة لإطفاء نار هذه الفتنة فخرج في عساكره المنصورة حتى حط في الدبايب في محطة جده الملك المنصور ثم وجه المقدمين من العساكر إلى حجَّة فحصروا حصن مبين وكان فيه الشريف مُطهَّر. فلما اشتد عليه الحصار خرج مرفقاً واستولى العسكر المنصور على الحصن فأمر الملك الأشرف حينئذٍ بخرابه فخرب خراباً كلياً ثم صرف همته بعد فتح مبين إلى حصن الخلافة في ذي الحجة منها وهي الموقر وقراضة والعكاد وكحلان والعرانيق الثلاثة وكان فتحاً عظيماً له في حجة والمخلافة لم يكن لأحد قبلهُ من الملوك إلا الجده المنصور رحمة الله عليهما. وكان فتح حجَّة في شهر رمضان من السنة المذكورة وفتح المخلافة في ذي الحجة منها.

وفي هذه السنة المذكورة تقدم السلطان إلى بلد الجحافل دنينه وما والاها وكانوا قد أفسدوا فقتل منهم جماعة وأذعن الباقون ونزلوا عن الخيل ورهبوا وظهر حسن طاعتهم ورجع السلطان من بلادهم مظفراً منصوراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>