بلده فقال كانت روح الشيخ أحمد مهبطاً لأولياء الله ولهم لغات كثرة يتكلمون بها على لسان الشيخ فينطق بها ما يقولون. وكان الشيخ أشوق إلى كلامه من سامعيه. وكان متى علم أن في السامعين لكلامه من لا يفهمه قال معرضاً به يا واقفاً في الماء وهو عطشان. وفي آخر الأمر تأهل بامرأَة من أهل يفرس فسكن معها وترك قريته ذا الجنان ولم يزل بها حتى توفي ليلة العشرين من شهر رجب من السنة المذكورة ودفن على باب المسجد وهو القبر الملتصق بالمسجد على يسار الداخل إليه وكان له ولد يسكن ذا الجنان وكان على طريق مرضي إلى أن توفي عشرة شهر شوال من سنة خمس وسبعمائة رحمه الله تعالى.
وفي هذه أسنة أيضاً توفي افقه الإمام العالم البارع أبو عبد الله بن أبي بكر بن الحسين بن عبد الله الزوقري الركبي المعروف بابن الحطاب لان أباه كان يسكن قرية النويدرة التي هي على باب سهام من مدينة زبيد وكان يبيع الحطب فيها. وكان ميلاد الفقيه في آخر المائة السادسة وتفقه بالفقيه علي بن قاسم الحكمي واطلع على علوم شتى وكان فقيهاً باراً أصولياً فرعياً فرضياً حسبانياً مفسراً مقرئاً يقرأ القراءات السبع وكان يقول أنا ابن عشرين ليس لي مناظر في شيء منها.
ويرى أن بعض الأكابر من أهل زبيد عمل وليمة وطلب أكابر الفقهاء فحضروا وحضر من جملتهم الفقيه علي ابن قاسم وتأخر ابن الحطاب المذكور وطال بطؤُه عن حضور الجماعة ثم وصل بعد ذلك والناس جميعهم في انتظاره فأقبل ييمس عليه ثياب مرتفعة فقصد المجلس غير محتفل بأحد فقال شيخه علي بن قاسم ما هذا العجب مع هذا الصبي فنقل إليه المجلس ما قاله الفقيه. فقال متمثلاً يقول أبي الطيب:
أن اكن معجباً فعجب عجيب ... لم يجد فوق نفسه من مزيد
ثم قال وكيف لا اعجب وأنا ابن عشرين لا أجد من يناظرني في شيء منها فنقل الكلام إلى الفقيه علي بن قاسم فقال شغله الله فكان من أمره ما كان. ولما تفقه ابن الحطاب وبرع على أهل عصره انتقل من قرية النويدرة إلى مدينة زبيد