ردَّاً حسناً ثم قال للرجل يا محمد هل جئتنا بشيء فقال ما جئت إلا بنفسي فقال مرتجلاً:
أتانا أخُ من غيبة كان غلبها ... وكان إذا ما غاب تنشده الركبا
فقلنا له هل جئتنا بهدية ... فقال بنفسي قلت نطعمها الكلبا
قال الجندي ونحو ذلك ما اخبرنا الشيخ أبو الحسن علي ابن الشيخ الفاضل منصور بن حسن عن أبيه قال دخلت أنا والمقري محمد بن علي بن الفقيه محمد بن أبي بكر الحطاب فسأَله المقري عن مسألة في الحيض مشكلة فأبانها له ثم انشدهُ:
لو علمنا مجيئكم لبذلنا ... مهج النفس او سواد العيون
وفرشنا على الطريق خدوداً ... ليكون المرور فوق الجفون
وأوصافه الحسنة جمة كثيرة لا يمكن استيعابها. وكانت وفاته بزبيد وقبر في مقبرة باب سهام وقبره معروف مشهور مزار وتبرك به وعند قبره قبر رجل من التابعين وقيل من الصحابة والله أعلم.
وفي هذه السنة توفي الفقه الصالح ابن إبراهيم بن صالح بن علي بن أحمد العبري وكان فقيهاً صالحاً وعاصر الخضري المعروف بالبرهان وولي قضاءَ تهامة اجمع فكان قضاؤه مرضياً وكان على يد عمارة الجامع المظفري بالمهجم في أيام الملك المظفر وكان من أهل الدين والدنيا وممن يأخذها ومن وجها ويضعها في مستحقها كثير البر والمعروف وله مكارم أخلاق وكان يضرب به المثل في الكرم وكان في حلقة تدريسه أكثر من مائة طالب وكانت لهُ مروءة وشفقة على الأيتام.
ويروى أنه كان يعمل في النصف من شعبان من الحلوى شيئاً كثيراً يفرقهُ على الأيتام وعلى الضعفاء وعلى الخواص من أصحابه ولا يدع فقيهاً في البلد إلا واساه بشيءٍ من ذلك ومكارمه أكثر من أن تحصى. ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في شهر جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمه الله تعالى ولما توفي رحمهُ الله في التاريخ المذكور صار القضاء الأكبر بعده إلى الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي وخلفه في رئاسة البيت ابن أخيه علي بن محمد ابن إبراهيم بن صالح والله أعلم.