وفيها توفي الفقيه العالم أبو محمد عمرو بن علي بن عمرو بن محمد بن عمرو بن اسعد بن أبي جعفر بن عباس التباعي. وكان يلقب بمظفر الدين وولد في بلد بني شاور سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وصحب الفقيه علي بن مسعود المقدم ذكره وتفقه بن ثم طلع الجبال وقصد جبا فأدرك الشيخ أبا بكر بن يحيى فاخذ عنهُ عربي الهروي ثم قصد مصنعة سير فقرأ فيها على الحسن بن راشد مسند الإمام أحمد بن حنبل وهو ممن أخذ عن ابن أبي الصيف وابن أبي حديد وغيرهما من الكبار ثم قصد مصنعة سير مرة أخرى في سنة ثمان وخمسين وستمائة فاخذ القضاء عنه بها شيئاً من مسند الإمام أحمد بن حنبل. ولما انتهى في الفقه انقطع عن شيخه علي بن مسعود وهو إذ ذاك ببيت حليفة عند الشيخ عمران بن قبيع القرابلي فاشترى موضعاً عند أبيات حسين وابتنى فيه مسكناً وأزدرع ما زاد على موضع البناء وكان قد تزوَّج بابنة أخي شيخه علي بن مسعود وبروك لهُ في الذرية منه بركة ظاهرة. وكان تزويجه بها سنة ثمان وعشرين وستمائة.
ويروى أن الفقيه المصري خرج من بلده وقد صار فقيهاً فقصد زبيد وناظر فيها فقهاءَها فلم يجد عندهم مقنعاً فتمتل بقول الأول:
لما دخلتُ اليمنا ... رأيت وجهي حسناً
أُفٍ لها من بلدة ... افقهُ مَنْ فيها أَنا
ثم عاد من فوره وكلما مرَّ بفقيه قصده وناظره حتى أتى بيت حسين فأراد الاجتماع بالفقيه علي بن مسعود فقصد مدرسته وهو إذ ذاك مقيم مع تليمذه هذا عمرو بن علي الساعي. وكان أول من لقبه عمرو بن علي فظن أنه الفقيه علي بن مسعود ففاتحه السؤال فلم يزل عمرو يجيبه ويستزيده حتى تم سؤاله ثم ألقى عليه عمرو سؤَالات أجاب عن بعضها وتأخر عن بعض. فقال له الفقيه عمرو كيف ترى وجهك الآن إشارة إلى البيت الذي بلغه أنه تمثل به إذ كان قد بلغهم تمثلهُ به. فقال يا سيدي المعذرة إلى الله ثم إليك يا أبا الحسن فعلم الفقيه عمرو أنه لم يعرفه وإن في ظنه أنه الفقيه علي بن مسعود. فقال إنما أنا بعض تلاميذة الفقيه علي. وأما الفقيه