وفيها توفي الفقيه الصالح أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن أسعد كرامات وآثار مشهورات. وكان رصيناً في دينه وعقله لا يأخذ العلم إلا عمن خبره وتفقه بابن ناصر ويعمر بن الحداد.
ويروى أنه قدم عليه البلد رجل غريب متظاهر بالعلم ومعرفته وعرض للفقيه وأصحابه أن يقرئهم فقال له الفقيه أنا لا أخذ العلم إلا عن من تحققنا دينه وأمانته وأنت غريب علينا ربما أوقعتنا في محظور من حيث لا نشعر. ولم يأخذوا عنه شيئاً. وكان شديد الورع عظيم الزهد قليل الكلام إلا في مذاكرة العلم وذكر الله تعالى وبه تفقه جماعة منهم محمد ابن أسعد الجعيم وأبو بكر بن أحمد التباعي وغيرهما.
ولما تحقق السلطان الملك المظفر صلاحه زاره إلى منزله بسفنهد ودخل مدينته وسأل أن يطعمهُ شيئاً فدخل الفقيه موضعاً من بيته واخرج له وللقاضي إليها خبزاً من برولم يكن يعهد معه شيءُ فأكل السلطان والقاضي ما أكلا ثم أخذا شيئاً ليتبركا به يعهده. وكان إذا مشى اطرق إلى الأرض ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً. توفي ليلة الجمعة أول وقت العشاء في شهر شعبان من السنة المذكورة.
وفيها توفي الفقيه سراج الدين أبو بكر بن عمر بن إبراهيم بن دعاس الفارسي نسباً وكان أديباً فاضلاً فقيهاً في مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنهُ. ونال حظوة من السلطان الملك المظفر وابتنى مدرسة في مدينة زبيد خص بها أهل مذهبه لم تكد تخلو من مدرس وهي التي تعرف بالدعاسية فيما بين سوق المنحارة والسوق الكبير وكان شاعراً فصيحاً وله شعر رائق توفي في مدينة زبيد مهجوراً من السلطان لإدلال حدث منهُ على السلطان في حقه وحق وزيره البهاء فطرد من تعز إلى مدينة زبيد فأقام بها إلى أن توفي في جمادى الآخرة من السنة المذكورة والله أعلم.
وفي سنة ثمان وستين تجهيز الأمير علم الدين الشعبي إلى صعدة فدخلها يوم