للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفقه بها ابنه يحيى المذكور وأخذ عن محمد بن عبد الله المازني وكان أول من بدر مدرساً في المدرسة العربانية وكان فقيهاً فاضلاً لهُ مروءَة وكرم نفس وكان يصحب الرشيد شاد الدواوين في صدر الدولة المظفرية. فلما توفي الرشيد نُقل إلى السلطان أن مع هذا الفقيه مال الرشيد فطولب باثني عشر ألف دينار وصُودر فلم تطل مدته بل وتوفي غيظاً في المدرسة المذكورة عشي الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

وفيها توفي الفقيه الإمام البارع أبو علي يحيى بن إبراهيم بن العمك. وكان من أعيان العلماء وكان في أول أمره رئيساً على قومه يركب الخيل ولا يشتغل بشيءٍ من طلب العلم. وكان سبب اشتغاله بطلب العلم أنه خطب امرأَة من بني خطاب هي ابنة الفقيه أبي بكر بن خطاب فامتنع الفقيه أبو بكر من تزويجه إياها وقال لهُ لست كفئا لها فانك رجل جاهل فانف من قولهِ فاشتغل بطلب العلم حتى صار إماماً واشتغل بفن الأدب وبرع في النحو واللغة والنسيب والعروض وغير ذلك. وكان ممن يضرب به المثل في حسن الجوار والوفاء بالذمم وله في ذلك أخبار يطول شرحها. وكان شجاعاً مقداماً كريماً جواداً شاعراً فصيحاً حسن الشعر له في السلطان الملك المظفر عدة مدائح وصنَّفَ كتباً في النحو وغيره. ومن مصنفاتهِ في الأدب كتاب الكامل في العروض والوافي وهو كتاب جليل والكافي أيضاً. وكتبهُ أحسن ما صنَّف أهل اليمن تحقيقاً وتدقيقاً.

ومن شعره أيضاً ما قالهُ في مدح السواد وهو هذا:

اعد لي حديثك يوم الكثيب ... وسلّي بهِ عن فؤَادي الكئيب

عشية سوداءَ قد أقبلت ... تسارقني لحظها من قريب

وقد أمنت رصدة الكاشحين ... وسمع الوشاة وعين الرقيب

تبدت لنا من خلال البيوت ... تجرر فضل الرداءِ القشيب

أرتنا النقا والقنا مائلاً ... قوام القضيب وردف الكثيب

مولدةُ من بنات الموال ... كمثل الغزال الغريب الربيب

<<  <  ج: ص:  >  >>