الزيدية في تلك الناحية فساروا في جموع عظيمة إلى ذمار فدخلوها قهراً وقتلوا جماعةً من الرتبة الذين كانوا فيها وخفروا الباقين وأخربوها خراباً كلياً. وكان ذلك في شهر جمادى الأولى من السنة المذكورة. وسار الإمام إبراهيم والأمير صارم الدين داود بن الإمام والأمير عز الدين محمد بن شمس الدين وسائر الأشراف يريدون جدّة وساعاً فمروا على الحبة ولم يكن في صنعا إلا ابن نجاحٍ في مائة فارس من عسكر السلطان وكان الشعبي وعسكره في محطته بالجناب خوفاً على رتب ثلا فانصرف الأَشراف من صنعا قلما كان آخر الليل دخلها الأسدية وكانوا تسعين فارساً نقاوة عسكر صنعاءَ وفرسانهم فطلع الشعبي في بقية عسكره قمرّ على المحاط التي على ثلا فقواها وسار إلى شبام ومن شبام إلى صنعاءَ وحصل بينه وبين الأَشراف قتال عظيم وجمع الأَشراف جمعاً عظيماً وساربهم علي بن عبد الله فارتفع عن ثلا. وسار بعسكره قاصداً الدروة وفيها الورد بن ناجي ولم يكمل عمارتها فهجم عليهم آخر الليل فأخربها وعاد إلى أصحابه بسباع. فاقتضى الحال طلوع الركاب العالي إلى ناحية ذمار فلما وصلها اقبل إليه تلك الناحية رغبةً ورهبةً في شعبان من السنة المذكورة. فأقام في ذمار أياماً وأمر بعمارة دربها. ثم سار يريد صنعاءَ فحط في درب عبد الله وانحاز الأشراف إلى بيت خبيص فطلع عليهم الأمر علم الدين الشعبي فكانت وقعة بين الناهم قتل الأشراف بنو صفي الدين وجماعة من عسكر الأشراف. وكان ذلك في ذي القعدة من السنة المذكورة. ثم تقدم السلطان إلى صنعاءَ في الميدان في ذي الحجة.
وفي هذه السنة بعث السلطان بكسوة البيت المعظم على يد قاسم بن محفوظ. وفيها توفي الفاضل أبو الحسن علي بن الحسين النحلي وكان فقيهاً محققاً غواصاً على دقائق الفقه عارفاً به كثير الاشتغال به تفقه به جماعة من أهل عصره. وكان كريماً جواداً شريف النفس عالي الهمة وكان كثير السعي في حوائج الأصحاب والقاصدين