للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد ربط منديلهُ في رقبتهِ ثم إلى رجل الفقيه وقال لا افتحهُ حتى تعطيني عهداً على التوبة وذمة من الشراب فراودهُ الفقيه على الترك فلم يفعل فأجابهُ إلى ذلك وعاهدهُ على التوبة. وكان ذلك في شهر رمضان فكان ذلك سبب توبته.

ويروى أنه لما كان يوم العيد هم بشراب شيءٍ من الخمر كان قد أدخرهُ لذلك اليوم فأمر بإحضار شيءٍ منهُ فلما صار الكأس في يده وأهوى به إلى فمه أحس في ظهره بضرب السياط كلنها النار فرمى بالكأْس من يده وركض الإناء الذي فيه خمر برجله فكسره وأمر من حينئذٍ صائحاً يصيح في بلده بتحريم الخمر وشدَّد في شرّها تشديداً عظيماً ولم يشرب بعدها مسكراً. وحج في هذه السنة المذكورة سنة اثنتين وسبعين وستمائة. فلما انقضى حجه خرج يريد زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة على ساكنها السلام. فلما دخل المدينة ووقف موقف الزائرين من التربة الشريفة سمعهُ جماعة يقول يا رسول الله أنا جارك من العود إلى الظلم اللهم لا تعدني إليه. فتوفي عائداً من الزيارة على رجليه من المدينة فحمله أصحابه ورجعوا به المدينة وقبروه في البقيع بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة المذكورة رحمهُ الله تعالى.

وفيها توفي الشيخ إبراهيم بن محمد بن حجر وكان مشتغلاً بشيءٍ من القراءة ثم غلبت عليه العبادة والتنسك فسكن مكة وأَقام بها إلى أن توفي في شوال من السنة المذكورة. ويروى أنه اعتمر في السنة التي توفي فيها في رجب وشعبان ستين عمرة وفي رمضان خاصة ستين عمرة حكى ذلك الجندي في تاريخه.

وفي سنة ثلاث وسبعين حصل قحط عظيم في البلاد ومات من الناس عالم لا يحصى وأَكل الناس الميتة. وفي شهر ربيه الآخر أخذ حصن كوكبان جماعة من الخواليين واستولوا عليهِ فارتفع رأْس كل مفسدٍ وهاج الناس للخلاف.

وفي هذه السنة توفي الفقيه أبو الحسن أحمد بن يحيى بن الفقيه محمد بن مضمون وكان مشاركاً في العلم ولكن اشتغاله بأُمور الدنيا اكثر. وكان مشهوراً بالكرم وكثرة إطعام الطعام حتى أفنى من ماله جملةً مستكثرة فبلغ علمه إلى الأمير

<<  <  ج: ص:  >  >>