له عقلُ ولا اختل له فهمُ وكان يحضر المجالس الفقهية والمواكب الملكية يستضاء برأْيه وينتفع بعلمه إلى أن توفي ليلة الأربعاء الحادي عشر من شهر جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمهُ الله تعالى.
وفي سنة أربع وسبعين خرج الأمير علم الدين الشعبي إلى مخلاف ذمار لقبض الواجبات السلطانية وترك المماليك الأسدية جميعهم رتبة في صنعاءَ مع ابن العلاب وسار مع الأمير علم الدين منهم رجل واحد فوقع بين ذلك الرجل وبين الداوي أحد مماليك الأمير علم الدين خصمة على شراب فقتله الداوي في مسير الأمير علم الدين إلى ذمار وهرب القاتل فلما علم المماليك الأسدية بقتل صاحبهم قاموا وقعدوا وكانوا قد أعجبتهم نفوسهم فخالفوا على السلطان واستولوا على صنعاءَ وقبضوا على موجود الشعبي وذلك في الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة. وكاتبوا الإمام والأشراف بالوصول إليهم فوصلهم الشريف علي بن عبد الله يوم السابع والعشرين من الشهر في سبعة آلاف راجل وكان في جبل حصور ثم جاءَ الإمام والأمير صارم الدين داود بن الإمام والإمام عز الدين محمد بن الأمير شمس الدين وسائر الأشراف فدخلوا صنعاءَ يوم الخامس من شهر جمادى الأولى وأقاموا في صنعاءَ وركب الإمام يوم الجمعة إلى جامع صنعاءَ ورَقي منبره وأذَّن المؤذن في منارته حي على خير العمل وخالطهم من الجذل والعجب أمر عظيم
ولو علموا عقبى الأمور لقابلوا ... أوائلها بالحزم واطرحوا العُجبا
وكانوا جميعاً على عزم الخروج من صنعاءَ إلى ذمار وربما طمعوا فيما خلف ذمار أن الأمير علي بن عبد الله ركب في بعض الأيام إلى الأمير صارم الدين داود بن الإمام فتراجعوا في أمورهم فقال الأمير داود أني رأَيتكم يا هؤلاءِ الشرفاء مذ دخلتم صنعاءَ ملتم إلى الراحة والدعة وأنفسكم تحدثكم بالخروج من صنعاءَ إلى دمار ثم إلى اليمن ومناصبة السلطان. وهذا رأي فاسد. فلو نظرتم في أموركم أولاً ثم نظرتم بعد ذلك إلى الخروج من صنعاء إلى دمار كان أصوب فلا تغتروا بحديث هؤلاء الغز