وقدامها السفن وكأنها بعض الملوك والسيوف مسلولة والإعلام منصوبة والطبلخانات راجفة. وفي هذه الطريدة الخزانة السعيدة ومبلغها أربعمائة ألف. وأما القماش من البندقي والسوسي والموصلي والزبيدي شيُ لا يحيط به الحصر فلله دره من ملك ملأت البر والبحر كتائبه ووسعت العرب والعجم مواهبه ورغائبه وبالله أنه أحق قال عمرو بن كلثوم التغلبي حيث يقول
ملأنا البر حتى ضاق عنا ... وظهر البحر نملؤُهُ سفينا
ولما اجتمعت العساكر المنصورة في بندر ريسوب كانت الخيل خمسمائة فارس والرجل سبعة آلاف راجل فقال بعضهم لبعض قد رأيتم ما نحن فيه من إنفاق الأموال وركوب الأهوال والتواني حينئذ منا عجز وخور ولم يبق إلا الحزم والعزم فساروا حتى بلغوا عوقد وهي محلة من محال ظفار فارجف عليهم بأن خيل حضرموت وصلت إلى ظفار وكذلك خيل البحرين فتذامروا فيما بينهم وقالوا إنما جئنا للقتال لا لغيره وأين تعز منها ولم يكن ظنهم أن سالم ابن إدريس يبرز إليهم فينا هم كذلك إذ أقبلت عساكر ظفار يقدمها سالم ابن إدريس فلما رآهم العسكر المنصورة تأهبوا للقائه فصف لهم على بعدٍ من المدينة وصفوا له. فكان الشيخ عبد الله بن عمر بن الجنيد وأصحابه في الميسرة وكانت الحلقة في الميمنة وكان الأمير شمس الدين أردمر في القلب ولم يكن بأسرع من أن التقوا واصطدموا صدمةً واحدةً فجالت العساكر المظفرية جولة واحدة ابتلعت منها نحواً من خمسين فارساً. ثم كانت الهزيمة فما نجا من أهل ظفار إلا من استأسر فقتل منهم نحواً من ثلاثمائة قتيل وأسر منهم نحواً من ثمانمائة أسير وأخذ من العبيد ما شاء الله. وقتل سالم بن إدريس فيمن قتل ولم يكن له قاتل واستبق الناس إلى باب ظفار.
وكان الأمير شهاب أحمد بن أردمر قد تركه أبوه في المحطة فجاءَ العلم منهً ليلاً إلى أبيه والأمراء مجتمعون على باب المدينة بان رأس سلم بن إدريس قد صار عنده.