للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عمه على الملك والسلطنة وكان في أقطاعه القحمة بادر إلى باب عمه متمثلاً أمره فلما وصل إلى عمه اقبل عليه واحله من العز محلة عظيمة. ثم وصل أخوه فعاملهُ معاملة ترضيه من الكرامة والإنصاف وعرض عليهما الاستمرار على أقطاعهما فاستعفيا عن الآمرية وقالا لا نحب خدمة بعد الوالد. وكان الواسطة بينهما وين السلطان الفقيه أبو بكر بن محمد بن عمر اليحيوي وأخذ لهما من السلطان عهداً وثيقاً أنه لا يغير عليهما ولا على أحدهما وأخذ عيهما أن لا ينازعاه ولا ينازعه أحد منهما. وكنا بين السلطان الملك المؤيد وبين الفقيه أبي بكر اليحيوي المذكور صبحة أكيدة ومحبة شديدة. وكان السلطان رحمه الله يعتمد رأي الفقيه أبي بكر في جميع ما يشير به عليه. وكنا الفقيه أبو بكر أوحد أهل عصره وعلماء زمانه. فلما حصل ما ذكرنا من قصة الدعنس وسجن السلطان الملك المؤيد في حصن تعز اغتم الفقيه أبو بكر على ما ناله غماً شديداً. واتصل العلم بالملك الأشرف أن الفقيه أبا بكر قصد المخالفة وإثارة الفتنة فاستوحش منه الملك الأشرف. وعلم الفقيه بالمكيدة فكتب إلى السلطان قصيدة يقول فيها:

تبغون قتلي ومالي فيكم غرضُ ... غير النجاة على مجموع أحوالي

وتزعمون بان الجن طوع يدي ... هل يقهر الجن إلا بالملأ العالي

مهلاً فهذا عصا موسى وحربته ... وتاج منزر معها تاج عطكال

وذي الهياكل والأجراس أجمعها ... وذي البثور وذا المزراق يا عال

وذي الحراب أولى الأملاك كلهم ... ما ينثني حدها عن هتك أجيال

ظننت أَني دعوت الله ذا غضب ... عليك بالهلك يا حاشا لأمثالي

ما كنت أدعو على شيءٍ بلا أدب ... وقد تمسكت من طه بأذيال

وخاتم الرسل لم يدعو على نفرٍ ... آذوهُ جهلاً فلم يعبأْ بجهَّال

وفارق الدار والأهلين مرتحلاً ... إلى المدينة حسب الأمر لا قال

وقام من بعده الصديق محتسباً ... حتى قضى نحبه في سم مغتال

<<  <  ج: ص:  >  >>