مدبرين. وقتل فيهم قتلاً ذريعاً حتى قيل أنه كسر ثلاثة أرماح وانقطع السيف الذي كان في يده وإطار خيارة الدبوس ولم يرجع من المعركة إلاَّ في يده عرقة الركاب بركابها. ويرى أنه قتل يومئذ فارساً بفارس صرع أحدهما بالآخر. ولم يزل القتل والأسر فيهم إلى أن دخل الليل وغشيهم الظلام. وقتل الشيخ مخلص الدين جابر بن مقبل بعد أن أبلى بلاءً حسناً. وقتل من وجوه العرب جماعة. ووقع في الشريف عزّ الدين نشاب في عينه بعد أن قاتل هو ومن حضر من اخوته وباتوا ليلتهم سائرين قاصدين ثُليَّ ولم ينزلوا عن ظهور خيلهم حتى وصلوا ثُلَّى وقد تفرَّق جمعهم ولم يبق معهم غير أربعين فارساً وهم الأشراف وعبيدهم. وفي هذه الواقعة يقول العمادي السيزري وكان شاعر الملك المسعود رحمه الله
ألا هكذا للُملك تعلو المراتب ... وتسمو على رغم العداة المناقبُ
فُتوح سرت في الأرض حتى تضوَّعت ... مشارقها من ظيبها والمغاربُ
بسيف الجواد ابن الرسول توطدت ... قواعد ملك ربُّه عنه غائبُ
فولَّوا ومن طعن القنا في ظهورهم ... عيون ومن ضرب السيوف حواجبُ
وكتب السلطان عُلوان بن بشر بن حاتم النامي إلى الشريف عزِّ الدين محمد بن الأمام المنصور عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة
أسادات الورى من كل حيَ ... وأسمى في المعالي من يسامي
وأربطها لدى الهيجاء بأساً ... وأحمامها إذا عدم المُحامي
أُهنئكم قدوم العيد فرضاً ... عليَّ فعدتم في كل عام
وأهدي نحوكم أزكى سلامي ... إلى المأموم منكم والإمام
وأُسمعكم أحقاً ما سمعنا ... فما يشفي سوى صدق الكلام
بأن جموعكم طارت شعاعاً ... ولَّما تخش عاقبة الملام
وولت غير كاسبة ثناءً ... فراراً لم تكر ولم تحامي
سوى عشر فحياً الله عشراً ... تحامت من بني حام وسام
ولم يحضر من الأُمراء إلآً ... شهاب الدين محمود المقام