من المحرم وقيل يوم العاشر منه من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي سنة ثمان وسبعمائة اتفق عمارة القصر السلطاني المسمى بالمعقلي في ثعبات. وكان فراغه في النصف من صفر من السنة المذكورة. وهو قصر قصرت المحاسن في نواحيه. وأطلعت الإجادة في أفق معاليه.
أجمع أرباب اختراق الآفاق أنه لا مثل له في شام ولا عراق. وأنهم لم يشاهدوا مثله أبداً وهو مجلس طوله خمسة وعشرون ذراعاً في عرض عشرين ذراعاً بسقفين بغير أعمدة له أربع مناظر بأربعة وراشن ليس فيه إلا رخام وذهب وإمامه بركة طولها مائة ذراع في عرض خمسين ذراعاً على حافاتها صفة طيور ووحوش من صفر أصفر ترمي الماء من أفوافها. وفي وسط البركة فواره ترمي الماء إلى السماء فيبلغ مداً بعيداً. وقباله شاذر وإن بعيد المدا يصب ماؤه إلى البركة المذكورة كان لوح من بلور لا يمكن التعبير عنه بغير هذا وفي المجلس شبابيك تفضي إلى بستان عجيب المنظر حسن المختبر والمخبر.
وكان الصناع في عمله مدة سبع سنين قال المصنف أيده الله وسمعت من حكى ممن أدرك أيام عمار أنه كان يطلع في كل يوم نحو من سبعين بغلة من الصناع الغرباء ما بين نجار ودهان ونحاس وصانع ومكندج ومرخم ومزخرف. ومصور خارجاً عمن يركب الحمير ومن لا يركب من اتباعهم. وهذا ما عدا صناع البلاد وهم أضعاف أضعافهم. ولما فرغت عمارته على الصفة المذكورة أمر السلطان رحمه اله تعالى بعمل فرحة عظيمة جامعة حضرها أعيان الناس. بل عامتهم على اختلاف حالاتهم وتنوع طبقاتهم.؟ وكان السلطان رحمة الله عليه ينظر إليهم من الطبقة الثانية وأمر بإضافة الخلع على أعيان الناس وأجرى للمجمع من كرمه نوالاً وبلغهم من جوده آملاً. وهنأه الشعراء بذلك. وفي هذا عبد الله بن جعفر يقول
هنئت قصراً على كل القصور سما ... يا حبذا برج سعدٍ فيه بدر سما
بنيتهُ مستجدّاً تستجدُّ به ... نصراً من الله قد أجرى بهِ القلما