وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاضل أبو الحسن علي بن مفلح الكوفي وكان فاضلاً أخذ عن ابن الحرازي القراءات والفقه وكان خيراً من أكثر الناس إحساناً إلى ابن الحرازي وكان أبوه مفلح صاحب دنيا واسعة وكان ولده هذا علي يتحمل الغالب من مؤُنة ابن الحرازي من طعام وكسوة له ولعياله. فكان ابن الحرازي يجتهد في اقترابه فوق ما يجب ويبالغ في إكرامه. ويؤُثره على سائر الطلبة لذلك فكان يحسن إلى سائر الطلبة أيضاً ويواسيهم. ثم حج في آخر عمره. وامتحن بالفقر. وكانت وفاته في ذي الحجة من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفيها توفي الفقيه الفاضل إسماعيل بن علي بن محمد بن أحمد بن نجاح المعروف بابن ثمامة. وأمه بنت الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي. وكان فقيهاً عارفاً حسن الأخلاق وكريم النفس توفي إلى رحمة الله تعالى في جمادى الأولى من السنة المذكورة.
وفيها توفي الفقيه المقري أبو عبد الله محمد بن عمر بن وكان ميلاده في شهر محرم أول سنة أربعين وستمائة وقرأ القرآن وصحب الأستاذ أَبا وسبب صحبته اتصل بالملك الواثق وسافر معه إلى ظفار وغلب على أمره ولم يزل وزيراً له إلى أن توفي هنالك وكانت وفاته في شهر رمضان من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي سنة عشر وسبعمائة تسلم الأمير شمس الدين عباس بن محمد ابن عباس حصن ظفار ونقل محطته نحو ظفار وحط بالطفة عند حصن تعز ونصب المنجنيق عليه فرغب الأشراف في الصلح وأذعنوا للخدمة الشريفة على يد الشيخ نجم الدين محمد بن عبد الله بن عمر بن الجند بصعدة ورهن الأشراف على تمامه. وسار معدا نحو السلطان إلى صنعاء فأَتم السلطان ما فعله وصاح الصائح بالصلح ليلاً على كره من الأمير عباس مقدم الحرب يومئذ. وكان ذلك خديعة من الشيخ ابن الجند لما علم مضرة أهل ظفار أن أقام عليهم الحصار فاستغاثوا به فبادر مسرعاً لرفع المحطة عنهم فعدها السلطان له من جملة الذنوب وأتم السلطان ما تقرر من الصلح.