الشريف فتلقاهم الشيخ محمد بن عبد الله بن عمر بن الجند وكان الصاحب موفق الدين يومئذٍ مريضاً. فاستقر الأمر على صلح عشر سنين أولها جمادى الآخرة من السنة المذكورة. على أن الشرف الأَعلى وحصونه والحبر بحجة وصاحب بيت ردم وشركاءه وأموال آل الوشاح حيث كانت وظفر به وهاس وسائر ما هو معروف للإمام بحجة وظليمة وغيرهما إليه وثلاثة آلاف دينار في كل سنة. وصاح الصائح في تعز بالصلح عشر سنين فلما تمَّ صلح الإمام وانفصل عنه الأكراد جرد السلطان من عسكر الباب مائتي فارس ورجل مدجج للحظة على هزان. وأمر الأمير أسد الدين محمد بن نوران يسير بعسكره من صنعاءَ فتوجه الشيخ إلى الجند حينئذٍ وعقد صلحاً للأكراد على ترك دخول ذمار ورداع وترك الإقطاع وإن تستمر رهائنهم بالعروس. وأمر السلطان الأمير أسد الدين بسكنى ذمار واستيطانها فامتثل الأمر.
وفي الثالث من جمادى الآخرة سار السلطان إلى الجند بسبب الصيد فأقام هنالك إلى الحادي عشر منه وعاد إلى تعز ثم سار إلى زبيد يوم الرابع والعشرين منه فدخل زبيد يوم الرابع من رجب. وفي ليلة الجمعة السابع عشر من شهر رجب احترقت دار المرتبة بتعز لأسباب اختلف الناس فيها فتلف فيها شيءُ كثير من الأثاث والفروش والكتب النفيسة وغير ذلك مما لا ينحصر. وكان في حملة ما احترق بشخانتان كبيرتان كاملتان من الزركش إحداهما صفراء والأخرى حمراء وكان السلطان يومئذٍ في زبيد وفي يوم السبت الثامن والعشرين من رجب خرج السلطان إلى فشال بسبب الصيد فأقام هنالك إلى آخر الشهر المذكور ورجع إلى زبيد.
وفي هذه السنة أمر السلطان بإنشاءِ قصر بزبيد على ظاهر باب الشبارق في البستان الذي أمر بإنشائه المعروف بحائط لبيق. وكان صورة بناء القصر يومئذٍ إيوان طوله خمسة وأربعون ذراعاً وفي صدره مقعدة ستة اذرع وله دهليز متسع وفوق الدهليز قصر بأربعة أواوين يشرف على البستان المذكور من جميع نواحيه.
وفي هذه السنة حج الملك الناصر صاحب مصر في مائة فارس من مماليكه وستة آلاف مملوك على الهجن وسلاحهم القسي فوصل مكة المشرفة في اثنين وعشرين يوماً