للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

من يوم خروجه من دمشق محرماً مقرعاً فطاف بمرأَى من الناس وكان أعرج قبيح العرجة فقضى مناسكه كلها فلما حل حلق رأْسه وأَحسن إلى الناس وتصدق وعاد ومعه الشريف أبو الغيث ابن أبي نمى. وقد هرب رميثة وحميضة لما أحسا بوصوله خشيا أن يقبض عليهما فخرجا من مكة ونهبا التجار الواصلين إلى مكة نهباً شديداً ولم يتركا لأحد شيئاً وفعلا من الأفعال القبيحة ما لا يفعله أحد. وأقاما غائبين عن مكة حتى فرغت أيام الحج وعادا إلى مكة.

وفي شهر شعبان من هذه السنة حصل على الملك المظفر حسن بن السلطان المؤّيد توعك في جسمه وذلك بعد وصوله من الشرف. وكان من قبل طلوعه غير طيب وكانت الحمى لا تفارقه مع سعال. فلما اشتد عليه الأمر أمره والده بالطلوع فطلع فاشتد به الأمر في رمضان فهمَّ السلطان بالطلوع ثم توقف. فلما كان يوم العيد أتاه خبر أزعجه فأمر الصاحب موفق الدين بالطلوع لفوره فطلع يوم العيد وقت الظهر وهو يوم الاثنين فوصل تعز يوم الثلاثاء عند طلوع الشمس وخرج السلطان من زبيد ظهر يوم الثلاثاء فدخل تعز يوم الخميس وأرسل لابنه إلى ثعبات وأرسل الأطباء لمعالجته فلم يزدد إلا ضعفاً ونحفاً. ولم يزل كذلك إلى أن توفي في يوم الأحد السادس من ذي القعدة بعد أن أوصى وتثبت في وصيته.

وفي جملة وصيته أن لا يُصاح عليه ولا يُشق عليهِ ثوب ولا يُغطى نعشه إلا بثوب قطن وإن لا يُعقر على قبره شيءُ من خيله وإن يُدفن في مقابر المسلمين. فنفذ والده وصيته في جميع ما أوصى به إلا في الدفن فإنه أمر أن يدفن عند أخيه الظافر في المدرسة المؤَيدية في معزية تعز. وكان من اجل الملوك قدراً وأوصى في جملة وصيته لن يُبتنى له مدرسة في قرية المحارب وإن يجرى لها الماء وإن يجري الماءُ منها إلى حوض تحتها. ففعل والده جميع ذلك. وكان يوم دفنه يوماً مشهوداً. وحضر دفنه ملوك بني رسول بأجمعهم وشهدوا القراءَة سبعة أيام وأمر والده بالقراءة عليه في سائر مملكته. وكتب العفيف ابن جعفر إلى السلطان يعزيه بهذه الأبيات:

أمولى الملوك وسلطانها ... ويا من له طاعة تفترض

<<  <  ج: ص:  >  >>