الظلم سيئ السيرة في رعيته سفاكاً للدماء حتى قيل أنه قتل في اليمن ثمانمائة سيف من أولاد الحسنين: هكذا ذكر في مرآة الزمان والعهدة عليه.
قال عليُّ بن الحسن الخزرجي: هذا شيء لا يقبله العقل ولا يصدقه النقل: ولا يوجد في اليمن كله من أعيانِ الأشراف الحسنين مائة رجل ولا ذكر هذا ولا ما يشابهه أحد من علماء التاريخ باليمن: والله اعلم ولما سافر الملك المسعود من اليمن كما ذكرنا وصل إلى مكة المشرفة وقد اشتد به الألم: فأقام في مكة أياماً إلى أن توفي بها في يوم الاثنين الرابع عشر من شهر جمادى الأولى من سنة ست وعشرين " وستمائة ": وقال الجندي توفي في مكة مسموماً في رجب وقيل في شعبان سنة ٦٣٥: وقال ابن عبد المجيد: توفي الملك المسعود في شهر ربيع الأول من سنة ٦٢٦ وكذا قال الشريف إدريس. قال الحاتمي: وأوصي أن لا يهلب عليه الخيل ولا تقلب السروج وإن يقبر بين الغرباء بمكة قال: ويروى أنه استوهب ثوبين برسم الكفن من بعض الناس: وكان عمره يوم توفي سبعاً وعشرين سنة. والله أعلم.
وكان قد حمل معه جميع خراج ملك اليمن من البيضاء والصفراء والجواهر الغالية والطرف والغلمان والجواري فتقدم مملوكه الأمير حسام الدين لؤلؤ بأولاد سيده وحاشيته وأمواله وحشمهِ وآلتهِ كلها من مصر: وكان قد جعل في صنعاء الأمير نجم الدين أحمد بن أبي زَكرّيٍ واستناب الأمير نور الدين عمر بن علي بن رسولٍ على اليمن كلهِ سهلهِ ووَعره برّه وبحره وكان ذلك ما أراده الله تعالى وقدّرهُ من إظهار كلمة الملك الرسولي وتمكين بسطته ونشر جناح عدله على الخلق ونفاذ صولته وتقليص ظل الملك الأيوبي وزوال دولته.
وفي هذه السنة المذكورة سنة ست وعشرين وستمائة توفي القاضي سري الدين إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن معاذ بن مبارك بن تبع بن يوسف فضل الفَرَساني