الدين في ذلك واستحضر ابن السناني وطلب السلطان قاضي الأقضية وهو القاضي عبد الأكبر وحضر أعيان الفقهاء ووجوه الدولة وادعى وجيه الدين على الغياث أنه قتل أخاه ظلماً وعدواناً فأنكر ابن السناني ذلك من دعواه فقال الحاكم للقاضي وجيه الدين أقم البينة وإلا استحلفه الأيمان الشرعية فالتفت وجيه الدين إلى السلطان وقال يا مولانا السلطان عندك شهادة أريد أداءها فقال السلطان ما عندي شهادة لك ولا له ولكنه كتب إليَّ كتاباً يخبرني فيه بقتل أخيك فقال يا مولانا السلطان أريد حضور الكتاب فأمر السلطان في مقامه ذلك من احضر الكتاب فلما قرئ الكتاب على الحاضرين اعترف ابن السناني أنه خطه وأنكر أن يكون باشر القتل. فقال له الحاكم قد توجه الحكم عليك لأنك اعترفت أن هذا الكتاب كتابك وقد أقررت في الكتاب انك قاتله فسأل القاضي وجيه الدين من السلطان أن يمكن من غريمه فأمر السلطان بتسليمه إليه فسلم إليه فقبضه ورسم عله من ساعته واخرج إلى الجهملية فقتل في السلف. وكان قتله بعد قتل الزعيم بمدة يسيرة.
وفي هذه السنة أمر السلطان بإنشاء المدرسة التي عمرها في ناحية الجيل من مدينة تعز وجعلها مدرسة وجامعاً وخانقة ورتب فيها إماماً وخطيباً ومؤَذناً وقيماً ومدرّساً يقرؤون الفقه ومحدّثاً وطلبة يقرؤون الحديث ومعلماً وأيتاماً يتعلمون القرآن وشيخاً ونقيباً وفقراء وطعاماً للواردين ووقف عليها وقفاً جيداً يقوم بكفاية الجميع منهم.
وفي هذه السنة توفي الفقيه البارع أبو محمد الحسن بن أحمد بن سالم بن عمران المنبهي السهلي وكان مولده في شعبان سنة سبع وثمانين وستمائة وكان تفقه بالفقيه صالح بن عمر وارتحل إلى جباء فأخذ عن الفقيه جمال الدين عثمان الجبائي ونقل التنبيه غيبا وحصل المنهاج للنواوي نسخاً ونقلاً في أربعة اشهر وحفظ بعض المهذب لأبي إسحاق الشيرازي غيبا وكان أوحد زمانه علماً وعملاً وفضلاً وورعاً مشهوراً بالصلاح. ولما بلغ درجة في الوصف عالية تناقلها الناس عنه. وكان وفاته في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.