للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرص انتهزها وواطأ جماعة من الحرفاء وخواص السلطان أن يكثروا ذكر ابن مؤمن وأفعاله القبيحة فما يذكرونه إلا بكل ذكر قبيح حتى اشمأَز منه السلطان واسودّ ما بينه وبينه وحقق القاضي موفق السلطان للسلطان خيانة ابن مؤمن من وجوه كثيرة. فلما عزم السلطان على الفتك به أقبل عليه إقبالاً كليّاً بخلاف العادة حتى لا يقطع أمراً إلا بإشارته ووعده بالوزارة شفاهاً. وكان قبل ذلك مستمرّاً في قضاء الأقضية وحمل له أربعة أحمال طلبخانة وأربعة أعلام. وكان قاضياً مقطعاً ويتحدث في أمر الوزارة. وكان الباب كله بيده.

فلما كان يوم الجمعة طُلب إلى ثعبات طلباً حثيثاً وكان يسكن المعزية مدينة تعز فطلع بعد صلاة الجمعة. فلما دخل ثعبات من باب تعز قبض هنالك ورسم عليه ترسيماً عنيفاً وحيز في باب تعز وأمر السلطان من ساعته على الطواشي صفي الدين جوهر الرضواني بأن يركب ويهجم بيت ابن مؤمن ويقبض جميع ما كان فيه. فركب وهجم البيت وقبض جمع الآنية وقبض دوابه وفرشه وجواريه. ثم أودع السجن بثعبات فأقام فيه إماماً. ثم أرسل السلطان به إلى المعسكر فقتل هنالك وقبر في البقيلين وقبره هنالك معروف مشهور.

وفي هذه السنة توفي الفقيه الإمام البارع أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمر بن علي الأحمر الخزرجي الساعدي الأنصاري وكان فقيهاً بارعاً عالماً متفنناً محققاً مدققاً درس مدة في مدينة زبيد واخذ عنه بها جماعة من فقهائها وكان امثل من يشار إليه في العلم والتواضع والصبر على التدريس طلبه السلطان الملك المجاهد في تعز للتدريس في المدرسة التي أَنشأَها في مدينة تعز فكان أول مَنْ درس فيها ثم عزل عنها وعاد إلى زبيد ثم طلب إلى تعز أَيضاً للتدريس في المدرسة المجاهدية فأقام فيها مدرساً إلى أن توفي هنالك في أثناء السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

وفي سنة ست وثلاثين قبض السلطان على جميع الحصون السُردُدِية. وفي هذه السنة المذكورة ظهر الدرهم الجديد الرياحيّ وبرز أمر السلطان أن لا يؤخذ من

<<  <  ج: ص:  >  >>