للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الرعية والتجار في جميع أموال الخراج إلا هذا الدرهم الجديد فتضررت به الرعية. وكانت العادة في الدولة المؤَيدية والمظفرية والمنصورية أن يطلب من الرعية ما يتوجه عليهم من الخراج في الغلة على حكم السعر في ذي الحجة الماضي. وكان السعر في تلك السنة قد ارتفع في ذي الحجة ارتفاعاً عظيماً وانحط في أيام الصراب انحطاطاً كليّاً مع ظهور هذا الدرهم الجديد الرياحي فتضررت به الرعية ضرراً عظيماً وانكشفت أحوالهم وهرب طائفة منهم وفيهم من صبر. فلما انقضت السنة تركت الرعية في وادي زبيد الحرث وتفرقوا في أثناء البلاد ولم يعمر منهم إلا قليل عجزوا عن الحرث لقلتهم.

وفي سنة سبع وثلاثين وسبعمائة نزل السلطان من تعز إلى زبيد لما بلغه خراب الوادي وافتراق الرعية وكان رحمه الله محبّاً للرعية ومشفقاً عليهم فلما استقر في محروسة وبيد صاحت الصوائح للرعية بالأمان وكشف المظالم التي يشكونها فوصلوا إلى الباب الشريف فبرز أمر السلطان بحضور جماعة من كبرائهم فحضر منهم أربعة نفر وحضرت الأمراء والوزراء والحجاب والكتاب وكان حضوراً عظيماً. فقال السلطان للوزير عرّف رعيتنا ما هو الذي يشكونه منا حتى نزيله عنهم. فقال الوزير للرعية يا هؤلاءِ الرعية ما هو الذي تشكونه من مولانا السلطان وما سبب هربكم وترككم عمارة بلادكم. فقالوا والله ما نشكو من مولانا السلطان شيئاً. وإنما نشكو من سعر ذي الحجة. فقال السلطان وما هو سعر ذي الحجة. فقالوا يا مولانا السلطان صرنا نطلب بما يتوجه علينا للديوان السعيد من كل مغل في وقت الصراب ووقت الطعام ورخصه ولكنهم يطلبون منا سعر السنة الماضية وقت ارتفاع الأسعار وعدم الطعام فلا يتعلق المد إلا بعدة إمداد كثيرة. والذي يتوجه علينا للديوان السعيد إنما هو طعام من عين ما ازدرعناه أو ثمنه في وقت الطلب فهذا السبب الذي اضربنا وهرّبنا.

فقال السلطان هذا والله ظلم بين ولا لوم عليكم إذا هربتم. ثم طبق الدواة وكان من عادته أنه إذا طبق الدواة في مجلس الحضور انفض المجلس. فلما طبق

<<  <  ج: ص:  >  >>