وادي يلملم يوم الاثنين سلخ ذي القعدة. فأَمر السلطان بنصب الأحواض فنصبت وملئت ماء وطرح فيها من السويق والسكر ما شاء الله تعالى وسبلها للناس فشرب منها الصغير والكبير وتصدق على الناس بصدقة عظيمة من الدراهم والثياب للإحرام. ووصل يومئذ الشريف رميثة بن أبي نمى وهو يومئذ صاحب مكة ووصل معه سائر الأشراف وأكابر أهل مكة وحضروا عند السلطان فتصدق على الجميع منهم على قدر مراتبهم. وأعطى الشريف رميثة أربعين ألف درهم من الجدد المجاهدية وأعطاه من الكسوة وأنواع الطيب من المسك والعنبر والعود شيئاً كثيراً وخلع عليه وعلى من معه من الأشراف وأعطاه عدة من الخيل والبغال كوامل العدد والآلات. ثم ارتحل السلطان فأَمسى على بئر علي عليه السلام أول ليلة من ذي الحجة فاصبح يومه هنالك ثم سار فكان وصوله مكة ليلة الأربعاء الثاني من ذي الحجة فدخل مكة عشاءً وطاف طواف القدوم وسعى ودخل البيت المعظم بعد الطواف والسعي فلما خرج من البيت دخل مدرسته المجاهدية. ثم خرج إلى المخيم آخر ليلته فلما اصبح صلى صلاة الصبح ثم دخل مكة فأقام بها في مدرسته نهار الأربعاء الثاني من ذي الحجة المذكور وليلة الخميس ويوم الخميس وهو يشاهد الكعبة المشرفة ومن يطوف بها.
فلما كان يوم الجمعة وصل الركب المصري ومن معه من المغاربة والتكاررة ولما كان بعد صلاة الجمعة طلب أمير الركب المصري فكساه كسوة سنية. ووصل الركب الشامي يوم السبت الخامس من ذي الحجة صحيح أهل الشام من الصفديين والحلبيين وغيرهم وتصدق السلطان على أمير الركب الشامي بكسوة حسنة وذلك في يوم الاثنين السابع من الشهر المذكور وفي يوم الثلاثاء الثامن من الشهر المذكور ركب السلطان في عساكره المنصورة إلى منى وأمسى بها ليلة الأربعاء التاسع من ذي الحجة فلما أصبح سار إلى الموقف الشريف في عساكره