للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس من الشهر تقدم السلطان إلى نخل الأبيض وكان ذلك الوقت استواء النخل فأقام في النخل الثلاثاء والأربعاء في قصره المعروف بالفائق. وأمسى ليلة الخميس السابع من الشهر في قصره بزبيد فأقام فيه إلى يوم الأحد العاشر من الشهر. ثم ارتحل فاصبح يوم الأربعاء في حيس وكان فيها من الطرب والمغاني والطلعات ما يعجب ويطرب فأقام إلى يوم الخميس الرابع عشر من الشهر. ثم ارتحل منها فأمسى في الزراعي وصبح يوم الجمعة في الروض. فلما كان يوم السبت السادس عشر انعم على كافة العسكر بشيءٍ كثير من الذهب والفضة وأعطاهم من الكساوي والخلع على قدر مراتبهم وكان دخوله تعز يوم الأحد السابع عشر من الشهر في بزة حسنة وعسكر جرار من الملوك والوزراءِ والأشراف والأمراء.

من كل ابيض وضاح عمامته ... كأنما اشتملت نوراً على قبس

وخرج في لقائه الملوك والفقهاء واعيان البلد وخرج عامة الناس وخاصتهم فوقف لهم في الجُبيْل وقبلوا كفه الكريمة واكثروا من الدعاء له وهو يؤَمن على دعائهم ويقول كثر الله أمثالكم. فلما انقضى سلام الفقهاءِ وأَتباعهم سار في مواكبه وكتائبه ولم يزل سائراً إلى قصره وبستانه بالجهملية وقد عمل أهل تعز من الطلعات التي تمشى على العجل والمدارية شيئاً كثيراً فأقام في بستان الجهملية إلى صبح يوم الأربعاء العشرين من الشهر المذكور.

وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح جمال الدين محمد بن يوسف الصبري وكان قاضي مدينة تعز فتوفي بعرفة يوم عرفة من السنة المذكورة فحمل إلى الأبطح بمكة ودفن قريباً من تربة الفقيه على بن أبي بكر الزيلعي صاحب قربة السلامة. وكان فقيهاً مجوداً عارفاً محققاً اخذ الفقه عن جماعة من العلماء كالفقيه عمر الشعبي وابن العزاف وكان نحويّاً لغويّاً عارفاً بالقراءات السبع والفرائض والجبر والمقابلة درس في المدرسة المعروفة بالغزالية في مدينة تعز ثم انتقل إلى المظفرية. وامتحن بالقضاء في آخر عمره ثم سافر به السلطان إلى مكة المشرفة فتوفى يوم عرفة مبطوناً كما ذكرنا رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>