للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مطالبون بالنفقة. وافترقوا على هذا الرأي فلما عزموا على الخروج تقدم واحد منهم. وأخبر السلطان بالأمر وقال هؤُلاءِ هم بعدي فركب السلطان للفور وسار يريد النخل في طريق غير الطريق المعروفة. وأرسل نفرين من الجماعة أن يسيروا في الطريق المعتادة لينظروا من في الطريق منهم فلما وصل قصره المشيد في السوجين واجهه النفران اللذان أرسلهما. فاستخبرهما عمن وجدا في الطريق. فاخبراه انهما لقيا الغرباءَ قاطبة على دوابهم. فأرسل السلطان حينئذ إلى الأمير سيف الدين الخراساني والطواشي نظام الدين حصين وقيل بارع في عبيد السلاح وغلمان البغلة وقال تقدموا إلى قطب الدين وجيئوا به طوعاً وكرهاً وانظروا هيئته فتقدموا بأجمعهم إليه. فلما وصلوا موضعه دخل عليه الطواشي والأمير وقد أحاط العسكر بالموضع فوجدوا دوابه كلها مشدودة فقالا بسم الله يا مولانا قم طلبك عمك إلى مقامه الشريف فلم يجد بدّاً من ذلك فقربا له بغلة فركبها وساروا بأجمعهم إلى السوجين. فلما وصلوا به اشرف عليه السلطان وعاتبه ووبخه وأمر بقيده والتقدم به إلى تعز فقيدوه للفور وخرجوا به في ليلتهم فلما وصلوا به إلى تعز لم تطل مدته بل توفي عن قريب. وكان قبضه ليلة الثلاثاء السابع عشر من ريع الآخر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. وفي آخر الشهر طلع السلطان إلى تعز وأتلف جماعة من الغرباء قتلاً وشنقاً وتغريقاً.

وفي هذه السنة توفي الفقيه الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحضرمي وكان أوحد أهل زمانه فقهاً ونسكاً وهو أكبر فقهاء زبيد في عصره لا يختلف في ذلك اثنان. وكان مولده في سنة ثلاث وستين وستمائة وكان تفقه بابيه ثم بعلي بن إبراهيم البجلي وبابن ثمامة. وبأحمد بن سليمان الحكمي ثم ارتحل إلى ناحية المهجم فأقام في بيت ابن أبي الخل وأخذ عن أحمد بن أبي الحسين وانتهت إليه رياسة الفتوى في زبيد ونواحيها وكانت وفاته ليلة الجمعة غرة شهر رمضان من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

وفيها توفي الشيخ الصالح العارف بالله محمد بن عمر بن موسى النهاري

<<  <  ج: ص:  >  >>