وفي اليوم الثالث والعشرين من شوال اجتمعت طوائف الفساد من المعازبة والرماة والقحرا وقصدوا الجثة وفيها يومئذ الأمير بهاء الدين السنبلي فأحاط العرب بالقرية ومن فيها فخرج إليهم الأمير بها الدين السنبلي ومن معه فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل جماعة من العسكر وقتل محمد بن السنبلي وأخوه مقبل وجرح أبو بكر جراحة شديدة وكان معدوداً من جملة القتلى وانحاز السنبلي ومنه معه من بقية العسكر إلى المهجم وأميرها يومئذ الكمال ابن التهامي.
ثم اجتمعت العرب جميعاً في شهر ذي الحجة من السنة المذكورة وأرسلوا إلى أهل سُرْدد يشتورونهم في قصد المهجم وكان رئيس بني عبيدة يومئذ حسن بن أبي القاسم ورئيس الزيديين ابن حفيص فاتفقوا على قصد المهجم يوم الاثنين الثالث من ذي الحجة من السنة المذكورة فوصلت المعازبو والرماة والقحراء إلى المهجم في اليوم المذكور قبل طلوع الشمس وتأَخر أهل سردد فوقعت الهزيمة في العرب فقتل منهم اكثر من مائة رجل وأقبل ابن حفيص وأهله من الزيديين وحسن بن أبي القاسم العبدي في أهله من بني عبيدة فلقيهم الهارب من العرب فرجعوا من حيث جاءوا.
وفي هذه السنة توفي الفقيه البارع ابو الغيث محمد بن راشد السكوني وكان فقيهاً فاضلاً عارفاً متفنناً جامعاً لعلوم شتى من الفقه والنحو واللغة وعلم المعاني والبيان والعروض والقوافي وله مصنف لطيف يدل على جودة معرفته وصفاء ذهنه وتدقيق فطنته وولي القضاء مدى في فشال. ثم انتقل إلى زبيد فدرس بها في المدرسة العفيفية ثم ولي القضاء في مدينة زبيد مدة. ثم نقله السلطان الملك المجاهد إلى مدرسته التي أنشأَها في مدينة تعز بناحية الجبيل فأقام هنالك إلى أن توفي مسموماً على ما قيل في السنة المذكورة رحمه الله تعالى.
وفي سنة ستين وسبعمائة نزل القاضي شهاب الدين أحمد بن علي ابن قبيب ونزل معه من أولاد السلطان الولد المسمى أحمد الناصر في عسكر جيد من الباب فوقف في زبيد شدَّاده وكانت خيول العرب تدور حول المدينة في كل يوم لا تغيب أبداً.