ولما نزل السلطان إلى عدن كما ذكرنا أقام بها وجرد العساكر لولده المظفر فلم يظفر به أحد. وكان المظفر فتاكاً مهيباً لا يعاقب إلا بالسيف قد استباح عدة من الأنفس بغير وجه لا يأْخذه على أحد شفقة ولا رحمة ولهذا احرمه الله تعالى الملك انه بعباده خبير بصير.
وتوفي السلطان الملك المجاهد في عدن في مدة إقامته فيها وكانت وفاته يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة.
فاتفق الحاضرون من أهل الدولة على قيام الملك الأَفضل ورأوا أنه اصلح للبلاد والعباد. وكان من جملة من نزل معه إلى عدن في تلك السفرة فحضرموت والده.
وكان الملك المجاهد رحمه الله تعالى ملكاً سعيداً عاقلاً رشيداً جواداً لبيباً شجاعاً مهيباً عالماً ذكياً فطناً لوذعياً من جوده وسخائه ما اخبرني به الفقيه الإمام العلامة جمال الدين محمد بن عبد الله الريمي وكان ممن يختص به السلطان الملك المجاهد قال أَعطاني السلطان الملك المجاهد في أول يوم دخلت عليه أَربعة شخوص من الذهب وزن كل شخص منها مائتا مثقال مكتوب على وجه كل شخص منها.
إذا جادت الدنيا عليك فجد بها ... على الناس طرّاَ قبل أن تتفلت
فلا الجود يفنيها إذا هي أَقبلت ... ولا الشح يبقيها إذا هي ولت
وكان مشاركاً في عدة من الفنون ويقال انه اعلم بني رسول وكان شاعراً فصيحاً ومن شعره قوله
نلت أنا العز بأَطراف القنا ... ليس بالعجز المعالي
تُجتْنَا نحن بالسيف ملكنا اليمنا
كل فخر تدعى الناس لنا ... أعرق العالم في الملك أنا