من القرآن ويرجع. فلما كان يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الأول انتقل السلطان من دار النصر إلى الدار الكبير السلطاني بزبيد.
وفي هذا التاريخ تزوَّج السلطان بالجهة الكريمة جهة الطواشي جمال الدين مرجان الأشرفي. وأقام السلطان في مدينة زبيد شهراً كاملاً. وفي آخر الشهر المذكور وصل علم الحج المبارك من مكة المشرفة إلى مدينة زبيد ثم بعد أيام انتقل السلطان إلى الدار الصلاحي فأقام فيه أياماً ثم رجع إلى الدار الكبير لمضي ثمان من شهر ربيع الآخر.
فلما كان ليلة السادس عشر من الشهر المذكور أغار السلطان في العسكر المنصور إلى بلد المعازبة. وكانت جواسيسهم لا تبرح في المدينة. فلما عزم السلطان على غزوهم جاءَتهم جواسيسهم بالخبر فارتفعوا هاربين فلم يدرك منهم إلا من لا يؤْبه له فقتل بعضهم وسلم الباقون فنهب العسكر قراهم ومحالهم ولم يكونوا خرجوا إلا بالمواشي فقط فأقام السلطان والعسكر في بلادهم يوماً واحداً ثم رجع إلى المدينة فدخلها يوم السابع عشر من الشهر المذكور عازماً على العود إليهم والمحطة عليهم فأقام في زبيد بقية يوم السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر في إصلاح عدد الحرب وتفقد آلاتها وخرج يوم العشرين في جيش أجيش.
جياد تعجز الارسان عنها ... وفرسان تضيق بها الديار
بخف أغرّ لا قود عليه ... ولا ديةُ تساق ولا اعتذار
فحط في القرية المعروفة ببيت الفقيه ابن عجيل وأرسل الخازندار إلى زبيد وأمره بحمل مائة ألف دينار من المال وما أَمكنه من الدروع والكازغندات إلى زبيد والخوذ. فتقدم الخازندار إلى زبيد مبادراً وحمل جميع ما طلب منه. فلما وصله الخازندار سار من بيت الفقيه بن عجيل في جملة عساكره المنصورة. وكانت الخيل يومئذٍ ستمائة لابس والرجل ألف وثمانمائة قوس خارجاً عن أصحاب التراس من الجلادة فحط على عبيد الخنكة. وكانت محطته في القرية المعروفة ببيت العقار فهرب العبيد عن بلادهم فنبههم العسكر نهباً شديداً.