فلما كان يوم الثالث من يوم وصوله إليهم ركب في العسكر المنصور وسار معه بحملين من الطبلخانة والمزمار وراية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ورايته المنصورة فدخل بلاد العبيد وقد كانوا أرسلوا عيوناً لهم فلما سمعوا بركوب السلطان والعسكر ارتحلوا بنسائهم وأولادهم ودوابهم ولم يصبح في الهيجة منهم أحد. فنهب العسكر محلتهم ورجع السلطان أى محطة المنصورة.
وفي مدة وقوف السلطان في المحطة المذكورة وصل مشايخ الرماة إلى باب السلطان وأَحضروا ما عندهم من الخيل. وكانت خيلهم يومئذٍ ثلاثة عشر ووصل مشايخ الزيديين بالخيل التي معهم فعوضهم السلطان غيرها وأمر بأن يكتب لهم منشور كريم بتخفيف قطيعة الضاحي ورجعوا إلى محلتهم مسرورين فلما طال وقوف السلطان في المحطة أرسل العبيد بالخيل التي معهم جميعها وجملتها إحدى وعشرون رأْساً. وكان جملة وقوف السلطان في بيت العقار اثني عشر يوماً.
وفي آخر الشهر المذكور أَوقع الأمير بهاء الدين الشمسي بالمقاصرة فقتل منهم نحواً من ثلاثين نفراً واخذ رؤوسهم وأرسل بها إلى السلطان فجاءَته وهو في المحطة المذكورة.
وفي غرة شهر جمادى الأولى انتقل السلطان من المحطة المذكورة إلى مدينة الكدراء. ثم تقدم إلى المهج فلقيه الأمير بهاء الدين الشمسي وعجلان بن الهليس وأخوه عيسى ونور الدين الصنعاني. وكانت الذبائح والفرش الحرير من العرج عرج حنيش إلى المهجم فأقام السلطان في المهجم نحواً من عشرة أيام وانفق على العسكر نحواً من خمسين ألف دينار.
وأحضر الشمسي خيل عرب السرددية وبنى حفيص وبني عبيدة وأهل الدويرة وبني زيد نحواً من أربعين رأْساً وودي أهل الغنيمة ستة رؤوس.
ثم انتقل السلطان إلى المحالب فلقيه القاضي وجيه الدين عبد الرحمن ابن محمد العلوي والأمير سيفد الدين قيسون ودخل السلطان إلى المحالب في جيش عظيم. وحمل القاضي وجيه الدين عبد الرحمن بن محمد العلوي من الضيافة