ووصل الأمير بهاء الدين الشمسي الجميع إلى باب السلطان فلما توافرت العساكر أَنقق السلطان على كافة العسكر نفقة جيدة فجردهم وحطوا على حصن سناج وأقاموا نحواً من نصف شهر في قتال ليلاً ونهاراً.
فلما رأَى الأمير بدر الدين كثرة العساكر علم أنه لا طاقة له بمناصبة السلطان وتحقق إن ما كان معه من المال نفد وان العرب تأكله وربما باعوه فأرسل إلى السلطان من يطلب له ذمة شاملة فأَذم عليه السلطان على يد جماعة من الفقهاء والمشايخ والصوفية وتوثقوا له من السلطان ثم رجعوا إليه بالذمة الشريفة فسرى من الحصن الذي هو فيه ليلاً بغير علم من أَهل الحصن الذي هو فيه ومن أهل المحطة فأصبح على باب السلطان يوم الأربعاء الرابع من شهر ربيع الآخر فكان جملة خلافه أَربعة وستين يوماً.
ولما وصل إلى باب السلطان كما ذكرنا قابله السلطان أحسن مقابلة وصفح عنه وكساه وأَعاده إلى احسن من حالته الأولى.
وفي شهر ربيع الأول من هذه السنة وقع في مكة حرسها الله تعالى مطر شديد وسالت أوديتها بمياه كثيرة فامتلأَ الحرم ماءً ودخل الماء إلى باطن الكعبة من بابها وكان الماء فوق عتبة الباب السفلي نحوا من شبر وحمل الماء منبر الخطيب عن موضعه إلى موضع آخر ومات في الحرم جماعة أدركهم الماء وعجزوا عن الخروج وخربت بيوت كثيرة ومات تحت الردم طائفة منهم والله أعلم.
وفي آخر شهر ربيع الأول توفي الأمير بهاء الدين بهادر الأشرفي أمير جاندار السلطان وكانت وفاته في مدينة تعز في التاريخ المذكور وفي يوم الثامن من شهر ربيع الآخر ظهر ولد السلطان الملك الأشرف المسمى علي وتوفي ولد السلطان المسمى حسين بعده بقليل.
وفي آخر الشهر المذكور وصل الشريف شمس الدين جحرية من صعدة في نحو من سبعين فارساً وخمسمائة قواس وفي أول شهر جمادى الأولى حرقت محل مبارك قرية من قرى وادي زبيد بأسرها.