مرسوم السلطان فيه. فوردت الأخبار بعد أيام يسيرة بوفاة السلطان.
وفي هذه السنة توفي الفقيه الفاصل أبو العقيق أبو بكر بن محمد بن ناصر بن الحسين الحميري نسباً وكان فقيهاً زاهداً ورعاً متقللاً عن الدنيا لا يلبس إلا ما يغزله حريمه من العطب الذي يجلب من تهامة ويكره عطب اليمن. ويقول بلغني أنه قد اغتصبها الملوك. ثم متى كل أعطاه نساجا تحقق دينه وأمانته لئلا يخلطه بغيره. وكان له حول لا يأكل إلا منه لأنه ورثه من أهله. وكان لا يقصر ثيابه بل ما تقدم منها جعله عمامة. وما كان جديداً جعله رداءاً. وكان إذا اقبل المسجد بالذنبتين أنار المسجد. حتى أن الذي يطالع في الكتاب يجد النور على كتابه فيرفع رأسه ليرى سبب ذلك فما يرى إلا الفقيه قد دخل المسجد ومناقبه كثيرة. وكان تفقه بالحسن بن راشد المقدم ذكره. وأخذ عن أبي الحديد وابن خديل ومحمد ابن اسعد بن ظاهر بن يحيى وغيرهم. وتفقه به جماعة منهم منصور بن محمد الأصبحي عم الفقيه محمد الأصبحي وعبيد بن أحمد الهشامي. وعنه أخذ محمد ابن أحمد بن خديل ولد شيخه. وكان فقيهاً محققاً. وله شعر مستحسن ومن شعره قوله
الوطءُ في دبر الحلال محرم ... ومخالف في خمسة أحكام
إذن وتعبين وحلّ مطلق ... والفيء والإحصان في الإسلام
وكان في عصره رجل من الصوفية متعاني الرقص اسمه عطية يسكن قرية الباقر يقول أن النبي صلى الله عيه وسلم كان يرقص سمع الفقيه ذلك عنه شق علي فقال قصيدة في ذلك المعني منها قوله
نبئت أن بهاقراً ظهرت به ... لعب الولايد معلما بزفير
حاشى لأحمدان يرى متلاعباً ... وعطية في ذاك غير خبير
ويروى أنه أصبح يوماً في حلقة تدريسه فجاءَه بعض أصحابه فقال له رأيت في المنام كان فوق رأسك حمامات كثيرة متجمعات. وبينهن طائر له عليهن تمييز