للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه الفقه في جهة حجة وغيرها انتشاراً عظيماً. ولما تولي كما ذكرنا وصل الشيخ أبو الغيث معرباً به إلى تلميذه الفقيه عمرو ومن حضر من أهله وكان زاهداً ورعاً يرى أنه ما قبض ديناراً ولا درهماً أو كمال قال. ويرى أن حلقته كانت تجمع ثمانين متفقهاً أكثرهم ذو فقر وحاجة وإيثار. ويحكى أنه حصلت عليهم أزمة فتضرروا بها ضرراً عظيماً. فعلم بذلك بعض أهل القرية ولم يكن في قدرته ما يقع موقعاً من كفايتهم فبعث بقُرص من الطعام لشخص منهم فاثر ذلك الشخص به صاحباً له ثم اثر ذلك الشخص به آخر ثم اثر الآخر آخر حتى عتاد القُرص إلى الذي حصل له ابتداءً فأخذه ووصل به إلى الفقيه واخبره بالأمير فأعجبه ذلك وقال الحمد لله الذي جعل في أصحابي صفة من صفات أصحاب الصفة وأنصار نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصائصة ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون. ثم جمع الدرسة وقسم القُرص على عدد رؤُوسهم لقمةً لقمة.

وفي سنة إحدى وخمسين رجع الأمير أسد الدين بمن معه من لعسكر إلى البلاد العليا وفسد ما بينه وبين الإمام. وذلك أنه لم يحصل له من قيمة براش إلا الشيءُ اليسير ولم يف له الإمام بما عاهدوه عليه من أمر البلاد. فسار نحو البهيمة في طريق المشرق. وكان في صحبته الأمير عليب بن وهاس في جماعة من خيله حتى بلغ عمقين وجرذان وهي أودية بالمشرق. فضاقت عليهم المسالك هو والأمير علي بن وهاس واشتدت بهم الحال وقصدتهم العساكر المظفرية ولم يروا بدّاً من قصد الشيخ علوان بن عبد الله الجخدري على ما بين الأمير أسد الدين والشيخ علوان بن عبد الله الجخدري من العداوة والبغضاء في أيام الدولة المنصورية. فلما نزلوا عليه لقيهم بالرحب والسعة وأنزلهم في العروسين وحمل إليهم الضيافات وأَجارهم. فقصدهم السلطان وحط في بلاد الشيخ علوان واخرب منها مواضع

<<  <  ج: ص:  >  >>