للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الصورة الخيالية هي التي عناها مبتدع (المتواتر) الأول من ابتداعه له، لأنها ـ بزعمه ـ الطريق الوحيد لليقين بصدق الخبر دون النظر في عدالة ناقليه. لكن هذه الصورة خيال عقلي، بعيد كل البعد عن الوقع، وتحكم بحصر طريق اليقين في تلك الصورة، وغض للنظر دون عدالة الناقلين، مع أنها هي الطريق المتيسر الصحيح لليقين بصدق الأخبار.

لكن ذلك المبتدع تلقى تلك الصورة الخيالية عن أسياده من فلاسفة اليونان، وترجمها عن أساتذته في معاداة الوحي الإلهي، ثم أراد أن يحكمها في أسانيد السنن النبوية!!!

ولم تنته ـ بعد ـ مناظرة الإمام الشافعي مع خصمه، في إبطال شرط (العدد الكثير) من شروط (المتواتر) .

وقد كان خصم الشافعي قد ضرب مثلاً لتلك الصورة الخيالية لـ (المتواتر) ، برواية أربعة، وعن كل واحد من هؤلاء الأربعة أربعة آخرون.. وهكذا.

فقال له الإمام الشافعي: ((وقلت له: من قال اقبل من أربعة دون ثلاثة؟ أرأيت إن قال لك رجل: لا أقبل إلا من خمسة؟ أو قال آخر: من سبعين! ما حجتك عليه؟ ومن وقت لك الأربعة؟!

قال إنما مثلتهم.

(قال الشافعي:) قلت: أفتحد من يقبل منه؟

قال: لا

(قال الشافعي:) قلت: أو تعرفه فلا تظهره، لما يدخل عليك؟!

<<  <   >  >>